أثر برس

اقتصاد دول الجوار أُنهك من “قيصر”.. هل تثمر ضغوطها على واشنطن لرفع القانون؟

by Athr Press Z

خاص|| أثر برس عام مضى على سريان قانون العقوبات الأمريكية على سوريا “قيصر”، وخلال هذا العام ظهرت الآثار الناجمة عنه بالدرجة الأولى على السوريين شعباً وليس حكومة، إلّا أن في الفترة الأخيرة برز بشكل واضح الحديث عن تداعيات هذا القانون لكن ليس على سوريا، بل على دول الجوار التي بدأت تُعلن عن انهيارات تشهدها منظومتها الاقتصادية.

تسليط الضوء على هذا الحديث جاء بالتزامن مع الإعلان عن نية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بحث قانون قيصر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وذلك بعد إعلان اقتصاد بلاده كثاني اقتصاد متضرر من القانون الأمريكي، بعد سوريا، إلى جانب كشف وسائل إعلام لبنانية عن اجتماع سوري-لبناني رفيع المستوى في العاصمة دمشق لبحث سبل تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، في خطوة تعتبر تجاوز واضح لقانون العقوبات الأمريكي، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن تأزم الاقتصاد اللبناني.

التأثيرات:
في البحث بأسباب تدهور الاقتصاد الأردني واللبناني نتيجة تطبيق قانون “قيصر” على سوريا، تبيّن أن موقع سوريا الاستراتيجي هو الأكثر تأثيراً، حيث أكد المحلل الاقتصادي إياد أنيس محمد في حديث لـ”أثر”: أن” هذه الدول لديها إشكالية أن اقتصادهم قائم على الخدمات، وعندما يتوقف الاقتصاد السوري يعني أن خدماتهم انتهت، فسوريا بالنسبة لهم بلد عبور ترانزيت وإذا وضعنا لهم محددات وقيود فسيكون عندهم مشكلة القائمين على الخدمات المالية والمصرفية” وخص محمد في حديثه عن لبنان، مشيراً إلى أنه بوقف التعامل بينها وبين سوريا بخصوص المعابر يكون قد اقتُطع عنه دخل كبير، حيث قال: ” الترانزيت اللبناني تضرر بشكل كامل تقريباً بسبب قانون قيصر، فهذا القانون كان تأثيره الأكبر على قطاعي الترانزيت والخدمات المصرفية”.
وأضاف “لبنان هو بوابة عبور لسوريا وللعراق وبوجود قانون قيصر اقتُطع عنهم دخل ضخم جداً، دون أن يتمكنوا من إيجاد تعويض له”، مضيفاً أن أوروبا أيضاً كانت تعتمد بشكل كامل على المرافئ السورية واللبنانية بتصدير بضائعها، وكانت هذه العملية توفر عليها مبلغ مالي كبير لأنها كانت لا تلجأ إلى التصدير عبر قناة السويس” مشيراً إلى أن “كلفة التصدير عبر قناة السويس كبيرة جداً”.
وفي هذا الصدد أشار المحلل السياسي غسان يوسف، في حديث إلى “أثر” إلى أن “دول الجوار تضررت كثيراً من قانون قيصر خصوصاً أن التحويلات المالية من سوريا أو من أي دول تانية بخصوص سوريا لا يمكن أن تحول إلا إلى هذا البلد ولذلك مثلاً لبنان تضرر لأن التحويل لا يمكن إلا أن يأتي إلى لبنان إذا كان يخص تجار سوريين ورجال أعمال سوريين وحتى هم أصبحوا لا يثقون بوضع أموالهم في لبنان باعتبار أنهم يخافون من قانون قيصر ولذلك أثر هذا القانون على دول الجوار”.

إمكانية تجاوز “قيصر”:
أمام هذه التداعيات التي بدأت حكومات دول الجوار تبدي تذمرها منها بعد وصول اقتصاد بلادها إلى حد الانهيار، لا بد أن نكون أمام عدة سيناريوهات، أحدها تجاوز القانون الأمريكي، ووفقاً لما قاله يوسف: “فإن هذه الدول لا بد أن تلجأ إلى تجاوز القانون ومحاولة الالتفاف على القانون يعني التشبيك حتى مع الولايات المتحدة أو مع سوريا لأنها ستضرر ولذلك سيلجأون إلى إقامة علاقات سرية مع الولايات المتحدة لمنع تطبيق قانون قيصر وسيلجأون إلى سوريا للتعامل معها حتى في وجود قانون قيصر فيها”
وحول الموقف الذي قد تبديه إدارة بايدن أمام هذا السيناريو أشار يوسف إلى أنه يعتقد “بأن إدارة بايدن تحاول أن تلغي كل ما فعله ترامب وتحاول في الوقت ذاته الحفاظ على سمعتها يعني مثلاً في المنطقة الشرقية ألغت العقد الذي وقعته شركة النفط الأمريكية مع “قسد” وأيضاً قامت برفع الإجراءات القسرية والتي فُرضت بعهد ترامب عن شركات سورية إذاً ربما إدارة بايدن تلجأ إلى عدم تطبيق قانون قيصر أو على الأقل التخفيض من هذا القانون”.

تحذيرات سابقة:

ما يجري اليوم في الأردن ولبنان، كان متوقع منذ أن تم الإعلان عن “قيصر”، وتمت الإشارة له في وسائل إعلام البلدين الرسمية وغير الرسمية، حيث كشفت حينها صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية عن محادثة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء حسان دياب حول قانون قيصر وتداعياته على لبنان، حيث ناقشوا خلال هذه المحادثات سبل التواصل مع واشنطن للحصول على تنازل للبنان للحصول على 220 ميغاوات من سوريا لتعويض نقص الطاقة في البلاد، مطالبين أن يشمل الاستثناء أيضاً السماح للبضائع الزراعية والصناعية اللبنانية بالمرور عبر سوريا إلى البلدان المجاورة، في حين اعتبر حينها نزار زكا “عضو فريق قيصر”، مدير البرامج لدى المؤسسة الأمريكية لتكنولوجيا السلام، أن من مصلحة لبنان الانفتاح نحو الغرب لأنّ ليست وظيفة البلاد الدخول في المحاور الضيّقة”، مشيراً إلى أن “هذا القانون هو فرصة للتحرّر” وفقاً لما نقلته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية.

وفي مشهد مشابه في الأردن، اعتبر رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، أن “قانون قيصر” الأمريكي لن يؤثر على العلاقات بين الأردن وسوريا، مشيراً إلى وجود تحديات حقيقية داخل سوريا وتؤثر على حركة التجارة والتبادل التجاري بين البلدين، وبعد تصريح الرزاز، نقل موقع “عربي 21” عن مصادر أردنية تأكيدها على أن واشنطن حذّرت عمان عبر ملحقها التجاري في العاصمة الأردنية، من التعامل تجاريا مع سوريا، وتحمل تبعات ذلك، وبينها تطبيق قانون “قيصر”.

كما نقلت حينها صحيفة “الإندبندنت” عن مصادر أردنية تأكيدها على أن “عمان تعوّل على منحها خصوصية ما من قبل الولايات المتحدة في تطبيق قانون “قيصر”، بخاصة أن المعابر مع سوريا تمثل شريان حياة بالنسبة إلى الاقتصاد الأردني، وتعوّل هذه المصادر على تلويح الأردن بورقة اللاجئين السوريين على أراضيه والذين يصل تعدادهم إلى نحو مليون لاجئ”.

مما سبق يبدو من الواضح أن حكومات دول الجوار لن تبقى خاضعة للقوانين والتهديدات الأمريكية أمام انهيار اقتصادها، الأمر الذي تدركه إدارة بايدن تماماً، فإما أن تتمرد على الهيمنة الأمريكية وتتجه إلى تحالفات الشرق بقيادة الصين، أو عقد اتفاقات سرية مع واشنطن لأخذ استثناء أمريكي لكي لا يشملها القانون، وبالتالي نكون أمام سيناريو يؤكد إبطال مفعول “قيصر” ويحوّله إلى قانون شكلي ويعبر عن موقف سياسي فقط.

زهراء سرحان

اقرأ أيضاً