خاص|| أثر برس أدى الزلزال الذي ضرب البلاد صباح يوم 6 شباط 2023 في محافظات اللاذقية وحلب وإدلب وحماه وبعض المناطق من محافظة طرطوس، إلى إحداث أضرارٍ كبيرة في محافظتي اللاذقية وحلب، في وقتٍ أكّد فيه رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس خلال جولته يوم أمس في محافظة اللاذقية، أن الأضرار التي تعرضت لها المحافظة كبيرة جداً وقد يتم اللجوء لإعلانها منطقة منكوبة.
الواقع الحالي الطارئ في المحافظات المتضررة يشير إلى وقوع أضرار كبيرة جداً لامست حياة الآلاف من المواطنين وعلى اعتبار أنّ الدستور السوري لعام 2012 كفل حقوق الأفراد، حيث نصت الفقرة (2) من المادة (22) منه على أنّ “تكفل الدولة كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليُتم والشيخوخة”، فإنّ الحكومة قد تلجأ لإعلان حالة الظروف الاستثنائية (الحالة الطارئة) في المدن الأكثر تضرراً، وهذا يستدعي الوقوف عند ماهية المنطقة المنكوبة، والإجراءات التي قد تُتخذ.
ما هي المنطقة المنكوبة وما شروط إعلانها؟
تعد المنطقة المنكوبة بحسب التعريفات بأنها المنطقة الجغرافية التي تعرضت لكارثة طبيعية كالزلزال أو الفيضانات أو كارثة بسبب سلوك بشري وغيرها من الحالات الأخرى، ويوضّح الدكتور حسن البحري أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة دمشق لـ”أثر” أنّه في التشريعات المحلية لا يوجد مصطلح منكوبة، ولكن في القانون الدولي دائماً عندما يتم إعلان منطقة بأنها منكوبة نتيجة بركان أو زلزال أو حروب أو أيّ شيء، يعني أنّ الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها تتظافر جهودها لتقديم مساعدات خارجية لهذه المنطقة”.
وأردف البحري، “ومنكوبة بمعنى أن الدولة المتضررة، بحاجة إلى يد المساعدة من الدول المجاورة على سبيل المثال أو الدول الصديقة.. وغيرها، وأضاف، أن معنى منكوبة، لا يقصد به فقط طلب المساعدة الخارجية من الدول، وإنما تقديم المساعدة من الداخل من المجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية للخروج من الحالة التي تعيش بها المنطقة”.
على خط موازٍ، أوضح المحامي عارف الشّعال على صفحته الرسمية على “الفيس بوك” المقصود بإعلان منطقة ما منكوبة، قائلاً: “في الواقع القصد بإعلان المنطقة منكوبة يعني فرض حالة الطوارئ في المنطقة وتطبيق الأحكام العرفية وفق أحكام المرسوم التشريعي 51 لعام 1962”.
وفي هذا الصدد، يرى أستاذ القانون الدولي الانساني محمد الموسى بحسب موقع “زاد الأردن” الإخباري، أنّ المنطقة المنكوبة تعني عدم قدرة الدولة على توصيل سبل الحياة اليها. موضحاً أنّ “المنطقة المنكوبة بموجب القانون الدولي الانساني أو منطقة الكوارث هي مصطلح يطلق على منطقة جغرافية ما أصيبت بكارثة طبيعية مثل إعصار أو زلزال أو فيضان أو غيرها، وقد تكون قد أصيبت بكارثة صناعية أو نتيجة خطأ بشري مثل إشعاع نووي كما حدث في كارثة تشيرنوبل في الاتحاد السوفياتي السابق، أوكرانيا حالياً.
ما شروط إعلان المنطقة المنكوبة وإجراءات الظروف الاستثنائية؟
على رغم أنّ بعض الآراء المنشورة حددت نسب محددة قد تضعها الحكومات لإعلان منطقة ما بأنها منكوبة، إلّا أنّه لا يوجد شروط عامة تحدد منطقة ما أنها منكوبة محلياً، وهنا بيّن الدكتور باسم عزو المتخصص في حقوق الانسان قسم القانون العام بجامعة دمشق لـ”أثر”، أنّه “لا توجد شروط محددة لإعلان منطقة ما بأنها منطقة منكوبة، ولكن ذلك يرتبط بتقديرات السلطات التنفيذية حول مدى الاحتياجات الذي تمر به هذه المدينة فهل هي تحتاج إلى تدابير استثنائية أم تدابير عادية”.
وحول ماهية الإجراءات التي قد تحصل في الظروف الاستثنائية وقد تتخذها الحكومة (السلطة التنفيذية) في المناطق الأكثر تضرراً واحتمالية إعلانها منطقة منكوبة نتيجة الزلزال، بيّن عزو لـ”أثر”، أنّه “فيما يتعلق بهذا الموضوع، يسمى القانون السوري هذه الحالة بحالة الطوارئ أو الظروف الاستثنائية والتي قد تحصل نتيجة ظرف ما خطر أو كارثة كالزلازل، موضحاً أنّه في هذه الحالة يسمح القانون للسلطة التنفيذية بتوسيع صلاحياتها لمواجهة الكارثة، فقد تلجأ الحكومة إلى اتخاذ تدابير طارئة وعاجلة تراها ضرورية من أجل المحافظة على سلامة وحياة المتضررين، مؤكّداً أنّ الظروف التي تمر بها منطقة ما، تؤدي إلى تقديم حق الحياة للأشخاص المنكوبين والمتضررين على الحقوق الأخرى كالملكية التي تخص الأفراد.
وقدّم الدكتور عزو مثالاً على ذلك، مبيّناً أنّ الحكومة قد تلجأ إلى فتح المنازل المغلقة لإيواء المتضررين، حيث يتم أولاً إجراء إحصائية لمعرفة البيوت المؤجرة والبيوت الفارغة ويتم التواصل مع أصحابها لفتحها وفي حال لم يتم الوصول لنتيجة، تلجأ السلطات المحلية إلى إجبار أصحابها على إيواء المتضررين وكذلك تقييد حركة الأشخاص في مناطق محددة.
وأردف عزو، “على الرغم من أنّ هذه الصلاحية أو هذا الإجراء يمس بحق الملكية الذي كفله القانون للأفراد، ولكن الظروف الاستثنائية مبررة لهذا الإجراء، ولكن يشترط أنّ لا تهدر تدابير السلطات المحلية حق الملكية أو الحريات، فلا يجوز مصادرة الملكية ولكن يحق لها أنّ تستخدمها ولها الحق أنّ تحد من بعض الحريات العامة كحركة الأشخاص.
وفي السياق نفسه، يرى الخبراء، أنّه لا تعتبر المنطقة منكوبة إلا إذا أوقفت الكارثة التي أصابتها عجلة الحياة الطبيعية فيها، وتسببت في أضرار فادحة في الأرواح والبنيات التحتية، وصعب على الدولة مد الناس بأساسيات الحياة وضرورات العيش، كماء الشرب والغذاء والكهرباء والأمن.. وغيرها.
ويضيف الخبراء، في حالات الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، يكون تقديم طلب إعلان منطقة ما منكوبة في بعض الدول مخول لرؤساء الوحدات الإدارية (كالمحافظين أو رؤساء المدن أو البلديات لدينا) حيث يقدمون طلبا للحكومة، وبعد اجتماع وزراء الحكومة المعنيين لدراسة الطلب وتقييم الوضع وتحديد حجم الأضرار والخسائر، والتي يجب أن تكون قد حصلت إلى نسبة ما، تكون الحكومة عاجزة عن تأمين متطلبات الحياة فيها أو عدم كفاية التدابير العادية لإنهائها، هنا يصار إعلان المنطقة منكوبة.
وبدأت السلطات المحلية في المحافظات السورية وبدعم حكومي، اتخاذ إجراءات عدّة منها توسيع عمل لجان الكشف على المباني المتضررة جراء الزلزال، حيث أصدرت محافظ اللاذقية اليوم قراراً بزيادة عددها إلى 58 لجنة بعد أنّ كانت 44 لجنة، على حين وصف أحد عناصر الهلال الأحمر الجزائري المشارك في عمليات الإنقاذ والبحث في محافظة حلب بانه كارثي ومؤلم.
وارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال إلى أكثر من (1262) وفاة و(2285) مصاباً بحسب آخر إحصائية غير نهائية عن وزير الصحة حسن الغباش في المناطق المتضررة، فيما لا تزال فرق الإنقاذ السورية والفرق التي وصلت من الدول العربية والصديقة مستمرة في البحث عن الأفراد العالقين تحت الأنقاض حتى تاريخه.
قصي المحمد