في طور المتغيرات السياسية والميدانية التي تشهدها سوريا لا سيما الجبهات الجنوبية منها، يعود الحديث من جديد حول مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية-الأردنية، والذي طالما كان بمثابة “مسمار جحا” للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة التنف، ومحط خلاف بين واشنطن وموسكو في سوريا.
وفي هذا الصدد أفادت صحيفة “الأخبار” اللبنانية بأنه يجري، التحضير حالياً لنقل دفعة مساعدات إنسانية إلى مخيّم الركبان خلال أسبوع، إن لم يستجدّ أيّ طارئ، حيث نقلت عن مصادر مطلعة قولها: “إن الدفعة الجديدة تُمثّل استجابة متوافَقاً عليها بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والأردن، لم تمانعها دمشق لأسباب إنسانية” موضحة أن “القافلة ستضمّ مساعدات غذائية وطبّية لسكّان المخيّم، وقد ترافقها حافلات لنقل مَن يرغب في الخروج نحو مقارّ الإقامة المؤقّتة التي استحدثتها الحكومة السورية”.
وبحسب “الأخبار” فإنه من المحتمل أن تشكّل توطئة لتفكيك المخيّم، في إطار العمل على تثبيت التهدئة في كامل الجنوب السوري، تمهيداً لبناء جسور اقتصادية آمنة، على اعتبار أن ذلك سيقطع الطريق على أيّ فعل أمني ضدّ الدولة السورية في البادية أو شرق السويداء.
ويشكل ملف مخيم الركبان، محور نقاش في العديد من جلسات مجلس الأمم المتحدة، حيث تؤكد روسيا وسوريا باستمرار خلال الجلسات على ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية والفصائل التي تدعمها في تلك المنطقة، والتي تتمثل بعدم إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى المخيم أو إنشاء معسكرات فيه، ومنع القاطنين فيه من الخروج وترهيبهم في حال محاولتهم الهروب من المخيم، حيث أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، عام 2019 أنه خلال عملية مسح تقييم الاحتياجات الذي أُجري في المخيم خلال دخول القافلة الأممية، أظهر أنّ من بين السكان المُقدَّر عددهم بنحو 15 ألف نسمة، حوالى 37% أرادوا المغادرة، فيما أعرب نحو 47% عن رغبتهم في البقاء، و16% لم يكونوا قد قرّروا حينها.
ونقلت الصحيفة اللبنانية عن مصادر محلية قولها: “إن الركبان، بشكله الحالي، عبارة عن بلدة صغيرة تحوّلت مع مرور الأيام إلى مقرّ إقامة قسري للقاطنين فيه، الذين اضطروا، نتيجة منعهم من الخروج من قِبَل المسلحين، إلى البحث عن مصادر للعيش مثل رعي المواشي والزراعات البسيطة، في حين تُعدّ تجارة المحروقات البدائية التكرير أو المهرَّبة من الأردن والعراق مصدراً لتأمين الطاقة من خلال المولدات الكهربائية الصغيرة، وتجارة المياه الصالحة للشرب والخبز من أهمّ مصادر دخْل الفصائل المسلحة”.
وتشكل مخيم الركبان عام 2014 عندما خرجت قوافل “داعش” من أرياف المحافظات الشرقية ومدن البادية (مهين ـــ القريتين ـــ تدمر ـــ السخنة)، لتتقطّع بهم السبل في البادية، ما دفعهم إلى تشكيل مخيم عشوائي على امتداد 7 كلم مربّع، مما تيسّر لهم من أقمشة، تبدّل غالبيتها مع الأيام ليتحوّل إلى منازل مبنيّة من الطوب الطيني والأعمدة الخشبية، في محاولة من السكّان لتجنّب أضرار السيول التي تتشكّل بفعل العواصف المطرية التي تضرب البادية السورية خلال موسم الشتاء. وبفعل الأمر الواقع، بات المخيّم مقسّماً إلى قطاعات أمنية يسيطر على كلّ منها فصيل مختلف، أكبرها من حيث التعداد “تجمع أحرار العشائر”، فيما يُعدّ “جيش مغاوير الثورة” أقرب هذه الفصائل إلى الأمريكيين، علماً أن طبيعة التقسيم بدأت على أساس تجاري أولاً، فلِكلّ فصيل تجارته وسُوقه الخاص، بحسب “الأخبار”.
وفي 10 أيلول الحالي، أعلن المجلس المحلي في «الركبان» أنه تلقّى كتاباً من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا)، يبدي فيه الأخير استعداده لدعم العودة الطوعية للنازحين من المخيم إلى مناطق سيطرة الدولة السورية، مؤكداً أنه سيؤمّن الشاحنات التي ستنتظر مرّتين أسبوعياً عند أطراف منطقة الـ«55 كلم»، لتنقل مَن يرغب نحو مقرّ إقامة مؤقّت في حمص، الأمر الذي قابله المجلس بالرفض.
يشار إلى أن المخيم، بات بؤرة لانتشار الأمراض فيه لا سيما بعد ظهور فيروس كورونا، حيث يفتقر لكافة سبل الرعاية الصحية والغذائية.