صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتصريحاته ضد نظيره الأمريكي جو بايدن، بطريقة مفاجئة، حيث أشار إلى أنه لم يسبق أن كانت العلاقات التركية-الأمريكية بهذا الشكل، معرباً عن انزعاجه من استمرار الدعم الأمريكي لـ”الوحدات الكردية” شرقي سوريا، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضرورة خروج القوات الأمريكية من سوريا، كما حاول استفزاز واشنطن من خلال إعلانه عن إصرار بلاده لشراء منظومة إس 400 الروسية، حيث لاقت هذه التصريحات عدة تحليلات، من قبل المراقبون في وسائل الإعلام العربية والأجنبية، لافتين إلى أنها تحمل مؤشرات عديدة.
حيث نشرت صحيفة “رأي اليوم” اللندنية:
“يُدرِك الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان فيما يبدو أن ميزان قوّة حليفته الولايات المتحدة الأمريكيّة بدأ يفقد توازنه لصالح روسيا والصين، القوى الصاعدة في العالم الجديد، وعليه قد يفسّر هذا الفهم، لغته المُتحدّية لأمريكا، وإصراره بالتالي على المُضي قدماً في ملف شراء صواريخ إس 400 الروسيّة.. الرئيس التركي من خلال نقده لدعم إدارة بايدن للتنظيمات الإرهابيّة، عبّر هُنا عن مخاوفه من دعم أمريكي عن الوحدات الكرديّة بالسلاح التي لم يذكرها، إلى جانب فشله في لقاء الرئيس بايدن، حيث يبدو الأخير غير معنيّاً بالتصعيد الروسي- السوري المُتوقّع على محافظة إدلب السوريّة، وإنهاء خروج المُحافظة عن مركزيّة دمشق مع بدء الجيش السوري حشد قوّاته عسكريّاً في مُحيط إدلب، وهو بالتالي يذهب خالي الوفاض إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقمّة ثنائيّة مُرتقبة في سوتشي نهاية الشهر الجاري بين الرئيسين، قد يُجبَر فيها أردوغان على التعاون مع دمشق ردءاً لمخاطر الأكراد، ودعمهم أمريكيّاً، يُقابله تقليصاً للانتشار التركي شمال سوريا، أو ربّما نهايته، وثمّة من يرى أن ذلك تنويعاً تركيّاً في الخيارات الأمريكيّة والروسيّة ليس أكثر”.
وأشارت صحيفة “هبرلار” التركية إلى قرار أمريكي صدر عقب تصريح أردوغان مباشرة، حيث قالت:
“بعد الأحداث المذكورة، ظهر تطور واضح وسريع في تصرفات الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث قامت دولته “الولايات المتحدة الأمريكية” بالموافقة على مشروع يسمح لها بدعم حزب العمال الكردستاني من ميزانيتها، حيث تم تخصيص ما يقارب 177 مليون دولار لدعم برنامج معدات التدريب السوري، والذي يشمل بدوره منظمات pkk”.
من جهتها نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن المحلل السياسي غسان يوسف قوله:
“أردوغان يريد أن يستقطب الجانب الروسي لدعم تركيا في سوريا، لكنه أكد أن هذه المحاولات لن تنجح، لأن الموقف الروسي من الوجود الأمريكي والتركي غير الشرعي في سوريا واضح” مشيراً إلى أن “سوريا تقف الآن على أعتاب معركة فاصلة لخروج القوات الأمريكية والتركية من أراضيها، وكذلك تحرير كل المناطق من المجموعات الإرهابية، ومن المتوقع أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة باعتبار أن روسيا وسوريا مصممتان على طرد المجموعات الإرهابية واستيعاب السوريين مرةً أخرى على جميع الأراضي السورية”.
من الواضح أن التصريح التركي مرتبط بجملة من التطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، ويرتبط بشكل وثيق باللقاء التركي-الروسي المفترض عقده بعد أيام، خصوصاً أن هذا التصريح جاء في الوقت الذي صرّح فيه أنه ينتظر من روسيا تغيير سياستها تجاه الملف السوري.