خاص|| أثر “تستوقفني طريقة عرض المواد وتنوعها فالمكان نفسه تجد فيه أدوات مطبخ ومستحضرات تجميل وألبسة وأحذية وبعد متر أو اثنين مواد غذأئية”، بهذه الكلمات تشرح الثلاثينية نبراس محمد لـ “أثر” سبب تفضيلها الشراء من بسطات الأرصفة التي لا يكاد يخلو مكان بالشوارع الرئيسية في العاصمة دمشق أو حتى المدن الأخرى منها.
بدوره، الشاب طارق يرى أنه في كل مرة يمر أمام بسطة يتذكر عدداً من الأشياء التي يحتاج إليها منها أدوات الحلاقة وأعواد تنظيف الأذن وبطارية لساعة الحائط في منزله ولجهاز تحكم التلفاز، بينما يعتبر عمر أنها وفرت كثيراً من المواد في مكان واحد.
ويتابع عمر لـ “أثر”: “بالتأكيد النوعية في البسطات أقل جودة من المحلات لكن أن تشتري حذاء متواضعاً بسعر من 35 إلى 55 ألفاً أفضل من حذاء مشابه لكنه أغلى يصل إلى 100 ألف لمجرد أنه معروض في واجهة محل فخم بمنطقة الحمرا أو القصاع أو غيرها من الأسواق المعروفة، والحجة أنه توجد ضريبة وأجرة للمحل وغير ذلك من تبريرات لرفع السعر أضعافاً”.
من جهتها، الأربعينية هبة وهي أم لطفلين دون العاشرة من العمر، تقول لـ “أثر”: “أتقصد قطع الأرصفة التي توجد عليها بسطات بسرعة لأن كرم ومنى /طفليها/ لا يمكن أن يمروا من دون شراء ألعاب ويرددون مع البائع أو مع التسجيل الآلي عبارة (أي غرض بألف أي لعبة بخمسة آلاف فرح ولادك يا أبو العيال..)”.
وتستذكر هبة: “في أيامنا كل قطعة بعشرة والألعاب كانت متنوعة لا تزيد على 25 ليرة”، لافتة إلى أنها لا تفضل شراء مواد غذائية من البسطات لأن طريقة الحفظ غير سليمة فهي معرضة لأشعة الشمس القوية بالصيف وللرطوبة في الشتاء.
وعن فكرة أي غرض بمبلغ محدد أو كل قطعتين بـ5 آلاف مثلاً، يقول أحد باعة البسطات لـ “أثر”: “هي عملية تجارية منطقية بيع بسعر أقل لكن كميات أكبر والعروض وفق التجارة مربحة وهي متبعة في المولات والأسواق والبسطات سوق مصغر لكن الفرق أن الزبون لا يأتي مباشرةً بل يكون عابر طريق”، متابعاً: “ارتفاع الأسعار جعل الإقبال على بضاعة البسطات أكثر فهي مناسبة لمختلف المستويات كما أن زبائننا كما لاحظنا من مختلف الطبقات أيضاً كون البسطات تكون في الأماكن والشوارع الرئيسة مثل البرامكة والشيخ سعد وجسر الرئيس والفحامة وغيرها، ومكان البسطة من أسس نجاح استقطاب الزبائن”.
أما مروة ولميس طالبتا كلية الاقتصاد، يعتبران أن “بسطات البرامكة إلى جانبي رصيفي كليات الحقوق والفنون والتربية وصولاً إلى وكالة سانا محطة لجذب المارة حيث يعرض عليها كل الاحتياجات والسلع من ألبسة ومكياج وأحذية وحقائب وغير ذلك وبأسعار مقبولة مقارنة بغير أسواق، وتستقطب طلاب الجامعة كونها بجانب معظم الكليات لذلك مشوار السوق أصبح سهلاً بالاطلاع يومياً على ما يعرض في البسطات وأحياناً يكارمنا بالسعر”.
ولا تخجل السيدة شيرين من الشراء من البسطات، وتقول لـ “أثر”: “فيها كل شيء يخطر على البال أدوات منزلية نايلون وزجاج ومواد غذائية مختلفة وقريبة من مكان عملي في شارع الثورة”، موضحة أن بعض زملائها يعتبرون بضاعة البسطات (ستوك) أي نوعية رديئة على قدر ثمنها الرخيص لكنها تفي بالغرض في ظل ارتفاع الأسعار”، متابعة: “مع العلم حتى أسعار بضائع البسطات ليست بالقليلة مقارنة بقيمة دخلنا الشهري كراتب أو أي عمل خاص آخر إلا فئة قليلة من الطبقة الغنية كما يسمونها وهي ليست من رواد البسطات إلا مصادفة”.
إذاً، يبقى لأصوات باعة البسطات نغمة خاصة تتردد في آذان المارة وكأنها أحد أساليب الإقناع لجذب الناس للشراء وبعضها يجعلنا نتابع السير في مساحة صغيرة متبقية في رصيف فرد الباعة عليه بضاعتهم ونحن نبتسم لما يرددون، بحسب ما قالته مريم لـ “أثر” مستذكرة أنها سمعت أمس أحد الباعة في بسطة عرض عليها تشكيلة واسعة من أنواع الجوارب وهو يردد “أي زوج جرابات بألف وثلاثة أزواج بثلاثة آلاف قرب واشتري يا بلاش”.
يذكر أن محافظة دمشق، بدأت الشهر الفائت حملة واسعة لإزالة البسطات، علماً أن مدير الأملاك العامة في محافظة دمشق حسام الدين سفور كشف في وقت سابق لـ “أثر” أن هدف المحافظة حالياً سيما في المرحلة الحالية هو عودة سوريا إلى ألقها؛ مضيفاً: “هذه الإعادة تتطلب إزالة الإشغالات غير القانونية من الشوارع وهذا مطلب لجان الأحياء (أعضاء مجلس المحافظة، وأعضاء مجلس الشعب)، وكثير من الناس يراجعوننا ويمثلون فئة كبيرة من المجتمع يطالبون بإزالة الإشغالات غير النظامية لأنها تسبب إعاقة للمشاة وحركة المرور، إضافة إلى التلوث البصري”.