خاص|| أثر برس ترتفع حدة التوتر في مناطق الشمال السوري من قبل الجيش التركي في مناطق الشمال السورية، حيث أفادت معلومات “أثر برس”، بقيام القوات التركية بنقل مجموعات من “القوات الخاصة”، مع معدات عسكرية ثقيلة من الجنوب التركي إلى مدينة “تل أبيض”، ليتم توزيعها على خطوط التماس المباشر مع “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، في محيط بلدة “عين عيسى”، التي تشهد بدورها حشود عسكرية من قبل فصائل أنقرة المندمجة تحت مسمى “الجيش الوطني”، مع تكثيف للاستهدافات المدفعية والمسيرة لمواقع “قسد”، في محيط “عين عيسى”، و”تل تمر”.
ما تزال العملية التركية في مستوى التصريحات السياسية والتحشيد بانتظار ساعة صفر قد لا تأتي إذا ما أثمرت الجهود الروسية لإقناع طرفي الصراع (تركيا وقسد)، بحل سياسي يرضي الطرفين، إلا أن أنقرة التي كانت قد دعت قادة فصائل “الجيش الوطني”، لاجتماع في الأراضي التركية لمناقشة خطة “العمل العسكري”، الذي تهدد به، تبدي جدية أكثر من “قسد” في تحضيرات المعركة، فالأخيرة يبدو أنها اكتفت بالخنادق والأنفاق التي جهزتها خلال المراحل الماضية، مع نقل تعزيزات عسكرية يمكن وصفها بـ “الخجولة”، إلى النقاط على الرغم من تأكيدها في أكثر من مرة أن قوامها العسكري يقارب من 80 ألف عنصر، منتشرين على المساحات التي تسيطر عليها من المحافظات الشرقية، ولا تشير تحركات “قسد” الميدانية، إلى وجود نية للقتال الطويل الأمد في ريف الحسكة والرقة، وقد يعود ذلك لعدم قدرتها على التحشيد اللازم نتيجة خلافات مع فصائل أنقرة والمشكلة من غير الكرد، أو لوجود تطمينات قطعية من أمريكا وروسيا بأن العملية التركية لن تحدث، في حين أن الإعلام التركي يتحدث عن حشد 35 ألف من المسلحين إلى جانب القوات الخاصة التركية لبدء معركة متعددة المحاور.
يتم الحديث عن احتمال مهاجمة “عين العرب”، المدينة ذات الثقل السياسي الأهم بالنسبة لـ “قسد”، لكون المعركة التي شهدتها في صيف العام 2015 بين “الوحدات الكردية”، وتنظيم “داعش”، كانت المناسبة التي بدأ من خلالها الدعم الأمريكي العلني للفصائل الكردية، ومن ثم تشكيل ائتلاف “قسد”، من مجموعة من الفصائل المشكلة من أعراق مختلفة تحت قيادة كردية، لكن السؤال الأهم يتمحور حول إمكانية أن يذهب الأتراك نحو عملية تهاجم فيها القوات التركية عدة نقاط في آن واحد بدءاً من “تل تمر” بريف الحسكة الشمالي الغربي و”عين عيسى”، بريف الرقة الشمالي الغربي وكل من “منبج – عين العرب – تل رفعت”، في محاور متفرقة من ريف حلب، وإن كان الحديث يركز على خطورة مهاجمة ريف حلب الشمالي الأوسط من بوابة “تل رفعت”، التي كانت منطلقاً لهجمات متعددة الأشكال من قبل “الوحدات الكردية”، رداً على الاستهداف التركي المستمر بشكل يومي منذ 7 أشهر على نقاطها في المنطقة، فإن الجهد الروسي لوقف التصعيد يركز على تجنيب هذه المنطقة تحديداً أي هجوم تركي محتمل.
المنطق العسكري لا يلزم القوات التركية بعملية واسعة لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها، والاكتفاء بالهجوم على نقاط شمال “عين عيسى”، مروراً بغربها في الطريق إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات عند “جسر قره قوازك”، سيعني بالضرورة جملة من الأهداف من أهمها “حصار عين العرب – عزل منبج عما تسيطر عليها قسد من أراضي – التحكم بحركة المرور على الطريق M4″، وهذه الأهداف كافية للإضرار بـ “قسد”، في مستويات السياسية والميدان والاقتصاد، بما يجعلها محاصرة بخيار الاتفاق مع دمشق لتجنب وقوع المحظور، ولا يبدو أن القيادات الكردية جادة حتى هذه اللحظة في الذهاب نحو هذا الخيار، الأمر الذي قد يكرر سيناريوهات “عفرين – شمال الرقة والحسكة”، التي خسرت من خلالها “قسد” المعركة أمام أنظار حليفها الأمريكي، وفي كلا الحالتين كان التدخل الروسي للعب دور الوساطة في إقرار اتفاق لوقف إطلاق النار هو القشة التي تتعلق بها “قسد”.
برود “قسد” في رد الفعل على التحشيد التركي على المستوى العسكري، إضافة إلى جمودها سياسياً في الذهاب نحو طرق باب الدولة السورية، والاكتفاء بالتعويل على المساعي الروسية مع ملاحظة أن الأمريكيين يعتبرون في التصريحات الأخيرة أن من الضروري الحوار مع تركيا بوصفها عضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، يشير إلى أن “قسد”، تتحضر لخسارة قد يكون من الصعب تبريرها أمام الشارع المؤيد لها، فلا يوجد ما يلزمها بألا تبحث عن حماية لسكان المنطقة من المعارك من خلال اتفاق مع الحكومة السورية التي كانت قد ذهبت أكثر من مرة لدخول مناطق التوتر بين “قسد” وتركيا لنشر قوات من الجيش السوري بما ينهي الهجمات التركية سريعاً، وتمسك القيادات الكردية بخيارات خسارة كانوا قد جربوها سابقاً لا يُفسر إلا على أنه امتثال غير مبرر لرغبة الأمريكيين بمنح أنقرة ضوءاً أخضراً لمهاجمة مساحات جديدة في سوريا.
محمود عبد اللطيف