يبدو أن محاولات “التحالف الدولي” لامتصاص حالة الغضب الشعبي التي سادت أوساط مدنيي شرق الفرات قد فشلت، فعقب الاجتماع الذي عقدته قيادات في التحالف الدولي مع وجهاء العشائر العربية في حقل العمر النفطي مطلع الأسبوع الجاري، تجددت المظاهرات السلمية ضد قوات الاحتلال وميليشيا قسد جراء استمرار اعتداءات الأخيرة على الأهالي.
اجتماع حقل العمر الذي تعهدت فيه قيادة التحالف بكف يد ميليشيا قسد عن الأهالي في المنطقة لم يترجم سلوكاً عملياً على الأرض، حيث أقدمت مجموعة من “قسد” بعد يومين فقط من الاجتماع على مداهمة عدة منازل في بلدة الشحيل، شرقي دير الزور بدعم من مروحيات تابعة للاحتلال الأمريكي، واعتقلت ثلاثة أشخاص أحدهم كان قيادياً سابقاً في ميليشيا “قسد”. ما دفع الأهالي لمواصلة احتجاجاتهم السلمية وتوسيع رقعتها، لتُقدم “قسد” مجدداً على مداهمة منازل بعض المدنيين وتكسير محتوياتها وسرقة مصاغ ذهبي وأموال أثناء تفتيشها، حسب بيان قبيلة “الشعيطات” الذي أطلقت فيه دعوة واسعة إلى انتفاضة شاملة ضد قسد، مهددة الأخيرة في حال عدم الإفراج عن المعتقلين خلال مدة زمنية.
المهلة التي حددتها الشعيطات والتي انتهت مساء أمس الأربعاء، حملّت فيها الأخيرة “التحالف الدولي” مسؤولية ما سيحدث، في ظل استمرار حراك الأهالي واحتجاجاتهم وتفاقم النقمة الشعبية في عموم المنطقة، حيث خرج اليوم الخميس أهالي بلدة أبو حمام في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، بمظاهرة ضد “قسد” مطالبين “التحالف الدولي” الذي تقوده واشنطن بالإفراج عن المعتقلين، كما نشرت “قسد” قوات كوماندوس على الطريق الخرافي، في ريف دير الزور الشمالي الشرقي بعد تكرر الاحتجاجات وقطع الطريق من قبل متظاهرين من أهالي بلدة رويشد.
وإلى جانب المظاهرات التي يشهدها ريف دير الزور، انفجرت عبوة ناسفة بسيارة عسكرية تابعة لـ “قسد” على الطريق الخرافي في ريف الحسكة الجنوبي، كما قُتل مسلح من “قسد” بهجوم مجهولين استهدف نقطة عسكرية قرب مخيم الهول في ريف الحسكة الجنوبي الشرقي.
وتجد قسد نفسها مرة أخرى أمام مشهد غليان شعبي في حالة تزايد، فبالتوازي مع استمرار الممارسات القمعية بحق الأهالي وتردي أوضاعهم المعيشية في مناطق قسد، تحولت حالة التململ الشعبي تدريجياً خلال الأشهر الأخيرة إلى احتجاجات عابرة، ثم واسعة، لنشهد مؤخراً دعوات لانتفاضة شاملة على قسد وبدء انخراط بعض أبناء العشائر في تشكيلات مسلحة رديفة للجيش السوري لمنع حصر السلاح شرق الفرات بيد قسد المدعومة أمريكياً، وهو ما يضع المشهد برمته على حافة الإنفجار الشعبي بوجه قوات قسد، لتكشف الأيام المقبلة حجمه وارتدادته.