خاص|| أثر برس لا تملك “قوات سوريا الديمقراطية-قسد”، القدرة على الحوار حول المناطق النفطية والذهاب نحو تسليمها للدولة السورية، خصوصاً بعد انحسار وجود القوات الأمريكية في سوريا منذ عامين تقريباً، الذي بات محصوراً بالتمركز في حقول النفط بشكل أساسي، وإن كانت تصريحات المسؤولين في “قسد”، تتحدّث عن إمكانية استفادة الحكومة السورية من هذه الحقول كنتيجة لحوار لم يحدث بعد، فـ”قسد” تقدّم وعوداً غير قادرة على تنفيذها لكون أن الخطوة الأهم تتلخّص بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا أولاً، ومن ثم الحديث عن خطوات لاحقة.
التصريحات القادمة من “قسد” في هذا الخصوص ليست جديدة، فما حدث هو ذهاب مسؤولي “قسد” نحو الحديث عن حقول النفط قبيل العدوان التركي الذي وقع على مناطق شمال الحسكة والرقة في تشرين الأول من العام ٢٠١٩، كما حدث أن طالبوا بالتشاركية في الدفاع عن سوريا، في خطوة كان المراد منها أن تقوم الحكومة السورية بصدّ العدوان التركي نيابةً عن “قسد”، دون أن تُقدم الأخيرة على الجلوس لطاولة حوار يمكن أن ينهي ملف شمال شرق سوريا، وكان الأمر أشبه بمطالبة دمشق حماية قسد بعد أن تخلّى عنها الأمريكيون.
يشترط قادة” قسد”، على دمشق الاعتراف بـ “الإدارة الذاتية” وخصوصية “قسد” العسكرية قبل الجلوس لطاولة الحوار، وهما ملفّان يعنيان أن على الحكومة السورية الاعتراف بـ “الفدرلة”، واستنساخ تجربة إقليم كردستان العراق في جزء حيوي من الأراضي السورية، وهو ما ترفضه دمشق بشكل كلّي، فالأمر يعني أنها تقبل بما يريده الأمريكيون منذ بداية الأزمة.
تشير تصريحات قيادي كردي إلى أن ملف شمال شرق سوريا بات بيد الروس الذين يلعبون دور الوساطة مع الجانب التركي من جهة، ومع دمشق من جهة أخرى، وقد كان مقرّراً أن يزور وفدٌ من “مجلس سوريا الديمقراطية-مسد” العاصمة الروسية لبحث إمكانية إطلاق حوار مع دمشق، إلّا أن الوفد أبلغ بتأجيل الزيارة لموعد يُحدّد لاحقاً، وقد يكون بعد الاجتماع الثلاثي بين الدول الضامنة لـ “صيغة أستانا”، ولا يبدو أن موسكو راضية عن الطروحات التي تقدّمها “قسد”، بشأن الحوار، فتصريحات وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف”، تشير إلى أن قادة “قسد”، ما زالوا يعوّلون على الوعود الأمريكية، وقد يذهبون باتجاه “تأجيج النزع الانفصالية”، التي يدعمها الأمريكيون، وهو ما قد يجعل “الحوار مع دمشق”، في مهبّ الريح.
الهدوء النسبي الذي تشهده مناطق شمال الحسكة والرقة منذ الإعلان عن نية عقد الاجتماع الثلاثي في أستانا بين موسكو وأنقرة وطهران، يعني أن موسكو نجحت مبدئياً بدفع الأتراك نحو التهدئة حتى إتمام النقاشات التي قد تفضي لدفع الحكومة التركية للامتناع عن تنفيذ عملية عدوانية جديدة في سوريا والذهاب نحو اتفاق تهدئة طويل الأمد أو مستدام يُنهي ما تزعمه أنقرة من تهديد لأمنها القومي بفعل وجود الفصائل الكردية المسلّحة التي تتهمها بالإرهاب نتيجة لارتباطها بمنظمة “حزب العمال الكردستاني”، والحديث هنا عن “قسد”، التي ستكون ملزمة بتقديم تنازلات سياسية أو عسكرية لتحقيق هذه التهدئة وعدم إحراج موقفها أمام مؤيديها، لكن هذه التهدئة مرهونة أساساً بقبول الأمريكيين الذين قد يدفعون “قسد” لرفض شروطها والدخول في معركة خاسرة مع تركيا بدلاً من تقديم تنازلات لدمشق، فالحديث باستقلالية “قسد” بالقرار السياسي والعسكري عن واشنطن، مثيرٌ للسخرية.
محمود عبد اللطيف