جاءت الاشتباكات التي اندلعت في الأيام الفائتة بريف دير الزور الشمالي بين “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، وذراعها العشائرية “مجلس دير الزور العسكري”، تتويجاً للتوتر الحاصل بين الجانبين منذ 10 من تموز الجاري.
وعلى الرغم من التصريحات التي أدلى بها قائد “مجلس دير الزور العسكري” أحمد الخبيل الملقب بـ “أبو خولة” لقناة “روناهي” الكردية الناطقة باسم “قسد” قبل يومين من الاشتباكات، والتي نفى فيها الخلافات بينه وبين “قسد”، فإنّ التطورات الميدانية أظهرت أنّ تحشيدات “قسد” العسكرية الأخيرة إلى مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة السوريّة في ريف دير الزور الشمالي، لم تكن مرتبطة بأي تحرك ضد الجيش السوري والدولة السورية، وإنما ارتبطت بأهداف متعلّقة بضبط الأوضاع الأمنية في عموم سيطرتها.
وأجرت “قسد” تغييرات شملت كل النقاط التابعة لـ”مجلس دير الزور العسكري”، حيث ألغت سيطرة قوات “المجلس” على هذه النقاط وسلّمتها لقوات تابعة لـ”الأسايش”، وذلك على طول شريط التماس مع مناطق سيطرة الحكومة السوريّة في “حطلة والحسينية وبلدات مراط ومظلوم وطابية جزيرة وخشام”، كما توجهت قوة أيضاً إلى مدينة البصيرة.
خلافات على النفوذ
وفي هذا الصدد، أكدت مصادر مقرّبة من “مجلس دير الزور”، في تصريح إلى صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أنّ “قيادة “قسد” و”الإدارة الذاتية” تجاهلت طوال السنوات السابقة كلّ وعودها للتحالف بمنح أبناء المكون العربي صلاحيات مدنية وعسكرية، ما أسّس لاحتقان شعبي يتضاعف يوماً بعد آخر”، مضيفةً إنّ “وجود كوادر كردية تتحكّم بمفاصل العمل الإداري والمدني والعسكري في أرياف دير الزور، لم يَعُد مقبولاً، ويجب وضع حدّ له، لعدم خسارة الحاضنة الشعبية التي عمل المجلس على اكتسابها طوال الفترة السابقة”.
وأشارت المصادر إلى أن “قيادة المجلس تفاءلت بوجود تسريبات عن نيات لـ “التحالف الدولي” لعبور النهر في اتجاه الضفة الغربية، وأبدت استعدادها للمشاركة في هذه العملية، لكونها هي الجهة المخوّلة للحديث عن منطقة دير الزور، وفق البنية العسكرية لقسد”، متابعةً إنّه “في وقت كان ينتظر فيه المجلس دعماً من قسد للسيطرة على المزيد من مناطق ريف دير الزور، تفاجأ باستقدام تعزيزات والضغط عليه للرضوخ لقرار قيادة “الذاتية”.
ولفتت الصحيفة نقلاً عن مصادرها إلى أن “المجلس تعرّض لمزيد من المضايقات، من خلال محاولات سحب جزء من صلاحيات المجلس العسكري والمدني، وحصرها بالكوادر الكردية، وهو ما اعتُبر تضييقاً واضحاً على قرار ونفوذ المجلس المحدود أصلاً في المنطقة، لحساب نفوذ الكوادر الكردية المتحكّمة بالقرار”.
انشقاق عن “قسد”
في الوقت الذي أصدرت فيه “قسد” في أيّار الفائت قراراً بتشكيل “مجلس عسكري” خاص بالريف الشمالي الغربي لدير الزور الواقع تحت سيطرتها و”التحالف الدولي”، وجرى تسليم كتاب القرار إلى حاجم البشير -أحد شيوخ قبيلة البكارة- في منطقة الجزيرة، في إطار توجهات لإعادة هيكلة تشكيلات “قسد” عسكرياً، وإبعاد “الخبيل” عن “مجلس دير الزور العسكري”، ترى مصادر ميدانية في حديث إلى صحيفة “الأخبار” أنّ، “أبو خولة” يعمل على تأسيس إمارة عشائرية وعسكرية لنفسه في المنطقة، وعلى تأسيس قوة عسكرية منفصلة عن “قسد”.
مضيفةً: إنّ “هذا استدعى تدخلاً من “قسد” لمنع تطور ذلك، بما يهدّد وجودها هناك”، مؤكدةً أنّ “قسد ستعمل على فرض نفوذها وسطوتها بالقوة، ولن تتخلّى عن هذه المنطقة، التي تعدّ خزاناً اقتصادياً مهمّاً لها، متوقّعةً أن “يتحقّق هذا في الأيام القادمة، حتى ولو تطلّب عملية عسكرية محدودة”.
وفي الوقت نفسه، لفتت المصادر إلى أنّ “عناصر مجلس دير الزور العسكري لا يملكون أيّ حاضنة شعبية في المنطقة، التي لا تؤيّد أصلاً سيطرة قسد وأسلوب إدارتها المدنية والعسكرية، بدليل الخلافات مع شيوخ ووجهاء العشائر بين الآونة والأخرى”.
في المقابل، بعدما أجرى “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن اجتماعاً بين الطرفين لإيقاف الاشتباكات بينهما، لفتت مصادر الصحيفة إلى أنّ “التحالف لا يريد خسارة أيّ طرف، ويعمل على محاباة الجانبين، مع ضبابية في موقفه العام في حال تطوّر الخلافات إلى اشتباكات واسعة متحدّثة في هذا السياق عن “دوره الضعيف في الاشتباك الذي حصل بين الطرفين في بلدة الصور، والذي انتهى بقرار داخلي من قسد، وليس بضغوطات أمريكية”.
يشار إلى أنّه بعد انتهاء اجتماع قيادة “التحالف الدولي”، وصف “أحمد الخبيل” بأنّ ما حدث ”فتنة” عملت عليها “دول إقليمية خارجيّة”، مجدداً تأكيده في تصريحات له أنّ “قسد” هي المرجعيّة الوحيدة للمجالس العسكرية كافة في شمالي وشرقي سوريا، داعياً لإطلاق حملة عسكرية لملاحقة خلايا تنظيم “داعش” في الريف الشمالي، وهي الحملة التي شددت عليها “قسد”.
أثر برس