خاص || أثر برس توجهت أنظار العالم أول أمس الثلاثاء إلى مدينة سوتشي الروسية حيث عقدت قمة بوتين -أردوغان، وبينما كان الرئيس الروسي يضبط ويملي على نظيره التركي ما الذي يتوجب عليه فعله شمال سورية، ظهر الرئيس الأسد بين جنود الجيش السوري وقاداته الميدانيين في ريف إدلب وتحديداً في بلدة الهبيط جنوباً، والتي بدأت منها عملية السيطرة على خان شيخون غرباً، ليعلن بتصميمه الثابت طوال سنوات الحرب على سورية، أن الجيش السوري بات جاهزاً لاستعادة السيطرة على إدلب، وأن مواجهة الفصائل المسلحة التي يدعمها أردوغان في معقلها الأخير دخلت ساعة الصفر، ولن تستمر الفوضى والإرهاب التركي بعد الآن.
مدينة سوتشي التي زارها الرئيس الأسد مرتين والتقى فيها مع الرئيس الروسي، أصبحت مدخل التسوية السياسية السورية، بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري عام 2018.
قبل أن يجتمع بوتين مع أردوغان نسج الرئيس الروسي توافقات إقليمية في المنطقة إثر زيارته إلى السعودية والإمارات، فضبط بذلك الإيقاع شمالي سورية بعد أن كانت خطة الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى تحشيد الدعم الخليجي بعد انسحاب القوات الأمريكية من قواعدها، فأرسل الرئيس الروسي موفده لافرنتيف إلى دمشق لاطلاع الرئيس الأسد على نتائج زيارته.
أتى أردوغان مثقلاً إلى سوتشي، يحمل فشله الداخلي بعد خسارة حزبه لانتخابات بلدية إسطنبول، واصطدام مشروع عدوانه شمالي سورية “نبع السلام” برفض عالمي شبه مطلق، بالإضافة إلى رفض معظم دول الجامعة العربية لذلك، فموقف الرئيس التركي المتأزم تُرجم إلى اتفاق مع الرئيس الروسي بوقف العملية التركية كليّاً.
كان يعوّل منذ البداية على الدبلوماسية الروسية في إيجاد مخرج متوازن لما حدث في الشمال السوري منعاً لاشتباك سوري – تركي على طول الحدود بين البلدين، وزاد احتمال هذا الصدام بعد دخول الجيش السوري لمدينتي منبج وعين العرب وبذلك تم فصل منطقة عملية “درع الفرات” في جرابلس والباب عن “المنطقة الآمنة”، وتبددت أحلام أردوغان بإقامة تغيير ديموغرافي يدعم به ما يفتقده في الداخل التركي بحجة حربه على إرهاب المقاتلين الأكراد.
الاتفاق الذي انتهى بإخراج مقاتلي “قسد” مع أسلحتهم حتى عمق 30 كم من الحدود السورية – التركية خلال 150 ساعة بإشراف الجيش السوري والروسي، وانحسار منطقة العملية التركية بين مدينتي تل أبيض ورأس العين، والسماح للأتراك بتنفيذ دوريات مشتركة مع الجانب الروسي حتى عمق 10 كم فقط داخل الأراضي السورية شرق وغرب منطقة عملية “نبع السلام” باستثناء مدينة القامشلي، أعاد بطبيعة الحال تفعيل اتفاقية “أضنة” بين سورية وتركيا، حيث إن التنظيمات الإرهابية وفق دمشق ومجلس الأمن الدولي موصولة إلى “داعش” و “جبهة النصرة”، وبذلك تتحقق إرادة الدولة السورية في القضاء على الإرهاب ووقف الدعم التركي لهم.
كلّ المؤشرات التي أسهمت بها التداخلات الحاصلة في الشمال السوري أفضت إلى انتصار الدولة السورية بدبلوماسيتها في شرق وشمال سورية، وبجهوزية الجيش السوري التامة مما يحقق الهدف المعلن في الحفاظ على السيادة السورية ووحدة أراضيها أولاً.
علي أصفهاني