خاص || أثر برس يعتبر قوس النصر الواقع جنوب مدينة اللاذقية في حي الصليبة، أحد أهم معالم المحافظة ورموزها والشاهد على تاريخها وعراقتها وعظمة فن العمارة وإتقان البنائين في تلك الأيام.
ومن يزور حي الصليبية لابد له وأن يرى هذا المعلم التاريخي الأصيل، كما يقول لـ”أثر” الحاج عدنان صبحي مكيس أحد سكان الحي خلال حديثه عن قوس النصر.
ويضيف الحاج مكيس عن القوس قبل تحسينه ليصبح بشكله الحالي: “أذكره قبل أن تتم عملية تحسينه وإشادة حديقة حوله من 30 عام، كانت الأرض كلها عبارة عن تراب، وفي فترة الأعياد تنصب حوله المراجيح والألعاب وتسمى بساحة العيد، وكانت التسمية المتعارف عليها كنيسة المعلقة، وأذكر أن من أشهر العائلات التي كانت تقطن قرب القوس حينها عائلة أبو كف والناظم”.
ويتابع الحاج مكيس: “عندما كنا صغار وبحسب ما أذكر اعتاد فوج الإطفاء على تنظيف القوس أو كنيسة المعلقة من العشب بالصعود عليه عبر السلالم، وكان هناك بالقرب منه حمام اسمه حمام القيشيني الذي تمت إزالته منذ زمن”.
أما القصة التاريخية لقوس النصر أخبرنا عنها العضو في لجنة الدراسات التاريخية في مديرية أوقاف اللاذقية الباحث سامر منى فقال لـ”أثر”: “إن أشهر معلم من معالم حي الصليبية تاريخياً هو (قوس النصر أو الترابيل)، الرومان هم من بنوه في احتفائهم باللاذقية أيام (سبتيموس سفيروس) لوقوف المدينة معه ضد خصمه، إذ يعود تاريخ بناء القوس يعود إلى أواخر القرن الثاني الميلادي.
ويصف البناء قائلاً: البناء مربّع الشكل مشيد بالحجارة الرملية القطع، أُقيم على أربع دعائم حجرية، تحمل سطحاً على شكل قبة نصف كروية، وتحمل الوجوه الداخلية والخارجية من الأعلى منحوتات نافرة لشارات النصر (سيوف، وتروس، وخوذ، ورماح، ودروع)، وهذه المنحوتات تشير إِلى عتاد المحاربين خلال الفترة الرومانية، وتتراوح أبعاده (١٢) م٢، وارتفاعه /١٦/م، وهو تحت مستوى الشارع حيث كانت الشوارع أخفض من مستواها الحالي.
وبحسب الباحث منى، لوجود قوس النصر في حي الصليبة دلالة تاريخية تبين أن الحي كان مسكوناً منذ القدم، ولربما كانت أول أشكال الحياة البشرية في اللاذقية انطلقت من المغاور الموجودة آخر هذا الحي عند الكورنيش الجنوبي، الذي يفتخر به أبناء اللاذقية ويعتبرونه جزءاً لا يتجزأ من تراثهم.
ويتابع منى: “يسمي أهل اللاذقية (قوس النصر) الكنيسة المعلقة، والقوس المربع، وقوس النصر” وهنا اقتبس عن باحث يسمى (سجيع قرقماز) أن هذه الأسماء لا أساس لها، فلم يبن هذا القوس كقوس للنصر، ولم يكن كنيس يوماً ما، وربما كان اسم (القوس المربع) مقبولاً نوعاً ما نظراً لشهرة الاسم في اللغاتِ الأوربية، بينما يلح الكثير على تسميته بالقوس الكبير، في حين يشير الباحث (جبرائيل سعادة) إلى أن (قوس النصر) استعْمل كنيسة سميت باسمِ (الكنيسة المعلقة)، ثم تحول إِلى مسجد في عهود لاحقة.
وأضاف: يسميه الرومان (التترابيل) أي (القوس)، فعادة كانوا يبنوه في أبرز مكان في المدينة، وكان يوجد في كل مدينة رومانية قوس يختلف حجمه من مدينة إلى أخرى، وشكله مكعب، تعلوه قبة مثمنة الزوايا.
ويرى منى، أن هذا القوس يعتبر من الآثار الشامخة التي صمدت عبر الزمن، فلم تستطع الزلازل المتعاقبة أن تزيله، بل بقي من ضمن الآثار الخالدة التي تشهد بعظمة تاريخ المدينة
الجدير بالذكر أنه يوجد أبنية مطابقة لقوس النصر في أحد شوارع روما العاصمة الإيطالية يعود إلى عصر الرومان، وكذلك في ليبيا.
زياد سعيد – اللاذقية