وسط التصعيد العسكري الحاصل في الشمال السوري والذي يُنذِر بعملية عسكرية تركية مرتقبة في تلك المنطقة، تفيد التسريبات حول ما يجري في الأروقة السياسية بأن هناك جهود برعاية روسية للتقريب بين “قوات سوريا الديمقراطية-قسد” والدولة السورية، وبحسب التسريبات فإن تلك الجهود تلقى تقدماً لا بأس به، وفي الوقت ذاته تؤكد الإدارة الأمريكية على موقفها الثابت من دعم “قسد” في سوريا.
وفي هذا الصدد، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنه سيتم تأسيس مجموعة عمل مع الولايات المتحدة لمناقشة المسائل الخلافية بين البلدين التي تتعلق بمنظومة إس 400 الروسية والدعم الأمريكي لـ”الوحدات الكردية”، مؤكداً أن بلاده تواصل اتصالاتها مع الإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن العقوبات الأمريكية المتعلقة باقتناء تركيا لمنظومة إس 400 أموراً لا تتوافق مع روح التحالف ضمن “الناتو”.
وبسبب الدعم الأمريكي لـ”الوحدات الكردية” في سوريا، تعرّض موظّف أمريكي للاعتداء في تركيا، حيث نشر “اتحاد الشباب التركي”، الذي ينتمي إليه منفذو الاعتداء على الموظف الأمريكي، صوراً على “تويتر” للواقعة؛ حيث ظهروا وهم يرددون هتافات مناهضة للولايات المتحدة، وكتب الاتحاد: “أنت عدونا وغير مرغوب في وجودك هنا، ولن نسمح لجنود أمريكيين أن يتجولوا بحرّية داخل أراضينا” منتقداً لـ”الوحدات الكردية” في سوريا.
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية بدران جيا كرد، قوله: “إن تركيا لم تحصل بعد على الضوء الأخضر الروسي والأمريكي للهجوم على شمال شرق سوريا، لافتاً إلى أن هذا التصريح يستند إلى معلومات حصلوا عليها من الجانب الأمريكي.
وحول التقارب بين الدولة السورية و”قسد”، نقال جيا كرد: “أكدنا للروس خلال آخر اجتماع أننا مستعدون للحوار مع دمشق، وموقفنا من الحل واضح، وننتظر أن تكون مواقف وآراء الحكومة واضحة أيضاً”، لافتاً إلى أنهم عقدوا اجتماعاً مع قيادة القوات الروسية في سوريا مؤخراً قائلاً: “أكدوا لنا عدم قبولهم بالهجوم التركي، لكن نحن لا نستبعد أن تلتقي مصالحهم مع تركيا وتتشابك على حساب مناطقنا وشعوبها”.
وأضاف جيا كرد أن “روسيا تلعب دوراً بارزاً ومحورياً في سوريا، وكان لها دور سابق في عقد اجتماعات بين دمشق والإدارة الذاتية”، مشيراً إلى أنه “قبل الآن ولأكثر من مرة جرت بعض النقاشات والاجتماعات، إلا أنها بقيت دون نتيجة، وبصدد تطوير الحوار الحالي من قبل روسيا أعلنا استعدادنا للحوار ونريد جدية من حكومة دمشق”.
وأشار في الوقت ذاته، إلى أنه لا يمكن استبعاد شن عمل عسكري تركي بالمطلق قائلاً: “الخطر لا يزال قائماً ونحن لسنا دعاة للحرب، لكن إن حصل الهجوم سيجابه بمقاومة شعبية، وسنتبع نهج الدفاع الذاتي، وسيكون هذا خيارنا الوحيد”.
وبدوره، قال الناطق الرسمي لـ”الوحدات الكردية” نوري محمود: “لا نستبعد مقايضة روسية-تركية على حساب مناطق نفوذنا شرق الفرات”، مضيفاً “ما حصل في عفرين كان واضحاً، ومن الممكن أن يحصل مثل هذا الأمر مقايضة بين روسيا وتركيا حول عين العرب، لكن لم يتم إخطارنا بشكل رسمي بأي معلومات حول هذه المسألة”.
وسبق أن أكدت مصادر عسكرية لـ”أثر” أن القوات الروسية تسعى بشكل مكثف من المناورات العسكرية التدريبات والاجتماعات، لتقريب وجهات النظر بين الجيش السوري و”قسد”، حيث أجرت عدة لقاءات ثلاثية في منطقة تل تمر وتحديداً في قاعدة القوات الروسية (محطة مباقر تل تمر) خلال الأيام الماضية وهناك سعي لإيجاد توليفة مُتّفق عليها لصد أي هجوم تركي محتمل.
ويتزامن الحديث عن جهود روسية للتقريب بين “قسد” والدولة السورية، مع ما نقله موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن مصادر أمنية تركية، التي أكدت أن المباحثات الروسية-التركية حول مستقبل التصعيد في الشمال السوري لا تزال مستمرة.