خاص || أثر برس في ظل ارتفاع الأسعار، باتت المتة التي تعد الضيافة الأساسية في الساحل السوري وعدة مناطق أخرى في سوريا، مكلفة جداً هذه الأيام، خاصة في الجلسات الطويلة التي تفرض تبديل “كاسة المـتة” أكثر من مرة بعد أن تطفو بعض “عيدان” نبتة المتـة على سطح الكاسة، لتعلن أنها انتهت أو “قطعت” حسب التسمية المتعارف عليها، ليبدل صاحب المنزل الكاسة ووضع المتـة مجدداً.
“ليس هناك أفضل من تقديم المتة لجلسات الأهل والأصدقاء، لأنها تدوم وقتاً طويلاً، ولا تتطلب سوى تسخين الإبريق والاسترسال في الحديث”، بهذه الكلمات توجز “نهلة” جلسات المتة التي تجمعها بصديقاتها وأقاربها، وتضيف: “ليست المتّـة هي المادة الوحيدة التي ارتفع سعرها، وإنما جميع المواد الأخرى، ولكن تبقى المتة المشروب الذي يدوم وقتاً أطول من غيره كالعصائر والقهوة والشاي”.
وحسب نهلة “الجلسة طويلة لا تتطلب سوى توزيع كاسات المتّة على عدد الضيوف، إلى جانب صحن بزر، حيث يمضي الوقت من دون أن نشعر به، وقد تقتصر الجلسة كلها على ضيافة المتة فحسب”.
أما “أبو أيمن”، فيرى أن تقديم المتة للضيوف بات مكلفاً أكثر من أي مشروب آخر، ويدلّل بحسبة سريعة أن عبوة المتة بوزن 200 غرام تباع بـ 8000 ل.س، وهي تكفي بين 11- 12 كاسة متة، ما يعني أن تكلفة الكاسة الواحدة تتراوح بين 667-727 ل.س، إذا لم يتم تبديلها مرة أخرى، بالإضافة لوضع سكر بمقدار 75-100 غرام والتي يبلغ سعرها 700 ل.س، باعتبار أن سعر كيلو السكر يباع بين 9500-10000 ل.س، ناهيك عن الغاز الذي يستخدم لتسخين إبريق الماء والذي قد يستهلك غاز بمبلغ يتراوح بين 200-250 ليرة.
وبعد إجراء الحسبة، يخرج أبو أيمن بتكلفة إجمالية تقديرية لكاسة المتة الواحدة وهي نحو 2000 ل.س، في حال لم يتم تجديدها، لتصبح تكلفتها نحو 3000 ل.س، مستدركاً: “ليس هناك أجمل من الضيف الذي يشرب المتة من دون سكر”.
بدوره، بيّن صاحب أحد المحال في اللاذقية لـ “أثر” أن عبوة المتة بوزن 200 غرام سعرها يتراوح بين 7500-8000 ل.س، وعبوة الـ 250 غرام تباع بسعر 9500-10000 ل.س، مبيناً أن معظم زبائنه يشترون المتة المعبأة في ظرف سعة 25 غ يكفي لشخصين، عازياً ذلك إلى ضعف السيولة الموجودة لدى الزبائن مما يدفعهم لشرائها بـ”الظرف” الذي يعتبر أقل حجماً بسعر 1500 ليرة سورية.
بدوره قال فادي عامل في أحد الأكشاك الخاصة الموجودة في المدينة: نظراً لجلوسنا ساعات طويلة في “الكشك” نضطر لشرب المتة يومياً، وبحسبة بسيطة بيّن فادي أن كاسة المتة تبلغ تكلفة إعدادها للشرب بين 2000-2500 ليرة، موزعة بين مادة المتة، السكر، وصولاً لاستهلاك الغاز المستخدم لتسخين الماء.
وحول دعوة البعض إلى مقاطعة المتـة دفعاً لتخفيض سعرها بعد تراجع الطلب عليها، قالت أم سعيد: من يدعو إلى مقاطعة المتة هو أول من يشتريها ولا يستطيع مقاطعتها، مبررة عدم توجهها نحو مقاطعتها لأن أي مشروب آخر ليس أرخص منها، مدللة بارتفاع سعر القهوة والشاي، ناهيك عن أن أي مشروب ينتهي بسرعة، فيما مشروب المتـة يطول، وتطول معه جلسته.
من جهته، تساءل أمجد “موظف” عن عدم زراعة المتـة في سوريا للحد من رفع أسعارها باعتبار أن عدد من النباتات والأشجار ذات المنشأ الأرجنتيني نجحت زراعتها في عدد من المناطق السورية.
وفي هذا الصدد أوضح الخبير الزراعي د.سمير محمود لـ”أثر” أن التجارب التي قام بها بعض المزارعين أثبتت أنه بالإمكان زراعة المـتة في سوريا، مشيراً إلى زراعتها في كل من بانياس والشيخ بدر والدريكيش وصافيتا، مؤكداً أن المتـة كغيرها من النباتات الاستوائية التي نجحت زراعتها في سوريا بالرغم من أن لم يكن أحد يتوقع نجاحها.
وأوضح محمود أن زراعة المتـة تحتاج لسنوات طويلة لتنتشر زراعتها وتكون قادرة على تغطية السوق المحلية، ناهيك عن أن المزارعين ليس لديهم خبرة في زراعة المتـة باعتبارها غير مألوفة بالنسبة لهم.
باسل يوسف – اللاذقية