خاص|| أثر برس على بعد أيام قليلة عن نهاية العام وتجهز الكثيرون لطقوس ليلة رأس السنة، يفرض الوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع الأسعار على السوريين أن يشدّوا، في معظمهم، الأحزمة قدر المستطاع، فمظاهر الشواء وملء الطاولة بأنواع مختلفة من المأكولات، لم تعد تتماشى مع الحالة المادية لشريحة واسعة من السوريين أصحاب الدخل المحدود الذين بالكاد يستطيعون تأمين لقمة العيش اليومية بأقل التكاليف.
تماشياً مع المثل الشعبي “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”، ابتكر بعض أهالي طرطوس الذين التقتهم مراسلة “أثر” بعض الحيل لأطعمة بديلة عن المشاوي للاحتفال بليلة رأس السنة كما جرت في السنين الخوالي، حيث قالت “أم سنان” وهي من أهالي مدينة طرطوس (موظفة): “صحيح أن الدخل الشهري بالكاد يكفي تأمين طبخة كل يوم بيومه، بأقل المكونات وأرخص التكاليف، إلا أن الاحتفال بليلة رأس السنة يأتي مرة واحدة في العام ولابد من الاحتفال به “من قريبه” من أجل لمّة العائلة ولإدخال الفرح لقلوب الأولاد”.
وأضافت: “شراء لحم فروج أو غنم وعجل، أمر مستبعد من حساباتنا، لكن في الوقت ذاته لن يمر الاحتفال من دون الشواء، حيث سيكون “باربكيو” رأس السنة من نوع آخر لا يحتوي على اللحم وإنما على مكونات أخرى لذيذة كالبصل والبطاطا والبندورة، مع الخبز المحمّص والفليفلة الحدّة”، مبينة أنها ستعدّ طاولة تحتوي على أصناف عدّة شهيّة انطلاقاً من تعبيرها بأن سيدة المنزل المدبّرة تستطيع أن تعدّ أصناف كثيرة بأقل التكاليف.
حيلة مختلفة تكشف عنها رجاء (ربة منزل)، مشيرة إلى أنه في ظل عدم القدرة على شراء اللحوم، لابد من اللجوء للبديل وهو فول الصويا مع إضافة بهارات خاصة حيث يمكن تحضير أطباق عدّة تعطي نكهة ومذاق اللحم حقيقي كـ”الصفيحة والمحاشي”، مشيرة أيضاً إلى تحضير كباب العدس بمكونات بسيطة تقتصر على العدس والبصل والطحين والبقدونس والبطاطا، مع وضع فحمة في نهاية تحضير الطبق ليضفي عليه رائحة المشاوي، لكنها في الحقيقة مشاوي تقليد.
واستندت رجاء في حيلها إلى أن رائحة المشاوي هي الأساس، وباعتبار أن الرائحة التقليد لا تختلف عن الأصلية، والمذاق متشابه إلى حد ما، فإن الاحتفال بليلة رأس السنة سيكون مميزاً، وسيشعر زوجي وأطفالي وأصدقاؤنا الذين سيشاركونا الاحتفال بالبهجة بدخول العام الجديد.
“من باب جود بالموجود، يجب القناعة بأن يتم الاحتفال بأقل التكاليف”، بهذه العبارة يدافع أكرم (موظف) عن رأيه بأنه في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار، مؤكداً أنه أقنع زوجته بالاكتفاء بإعداد صحن تبولة وبطاطا مقلية، إلى جانب الموالح والعصير، مضيفاً: البهجة بدخول العام الجديد ليست مقترنة بالبذخ بالاحتفال وإقامة حفلات الشواء، فالحالة المادية صعبة على معظم السوريين ولا داعي من أجل الاحتفال لليلة واحدة أن نستدين المال لتدبّر لقمة العيش خلال الشهر القادم.
فيما أكد أبو قيس (أعمال حرة) أنه سيكتفون ليلة رأس السنة بإعداد طبق سمكة حرّة إلى جانب التبولة والفتوش والبطاطا المقلية والفواكه، مشيراً إلى أن أسعار السمك تبقى أرخص من اللحوم الحمراء ولحم الفروج، متمنياً ألا ترتفع أسعار السمك عشية ليلة رأس السنة.
السيدة الثمانينية أم عمران لها رأي آخر، شارحة بأن الاحتفال بقدوم عام جديد ليس في الاحتفالات داخل المنزل وخارجه، وبذخ المال في إعداد أصناف عدّة، وإنما في لمّة العائلة التي تضم الأب والأم والأولاد والأحفاد، وأن يكون الجميع بخير وصحة جيدة، مضيفة: عندما يكبر الشباب ويصبحون في سن متقدم سيبدؤون بالشعور بالحزن على العام الذي سيرحل بدل الفرح بالعام الجديد، لأنه عام جديد انقضى من أعمارهم، كما أشعر أنا بالحسرة حالياً، حيث لم يتبق في العمر أكثر مما مضى.
وروت أم عمران بغصة كيف كانوا يحتفلون خلال السنين الماضية برأس السنة من خلال إعداد المأكولات التراثية المختلفة كالكبيبات (كبة بسلق)، فطائر بسلق، زلابية، بالإضافة للتبولة والبطاطا المقلية واليبرق والملفوف، وفيما يتعلق بأصناف الحلويات أشارت إلى إعداد الرز بحليب، والكاتو.