أثر برس

كتب زياد غصن.. اقتراح هام قيد النقاش: منصب المحافظ للانتخاب العام

by Athr Press G

زياد غصن ||أثر برس يبدو أن تعديلاً قريباً قد يحدث على المرسوم 107 الصادر عام 2012، والمتضمن قانون الإدارة المحلية، حيث تذهب معظم التسريبات إلى أن التوجه العام ينطلق من ضرورة منح الوحدات الإدارية مزيداً من الصلاحيات وتوسيع مهامها وإعادة تنظيم علاقاتها بين بعضها البعض وبينها وبين الوزارات والمؤسسات الحكومية، فإلى جانب الحوارات واللقاءات العلنية التي جرت على مختلف المستويات وأبدت حرصاً رسمياً على مراجعة نتائج المرحلة السابقة من تطبيق المرسوم المذكور، فإن هناك اجتماعات أخرى غير معلنة كان محورها الأساسي مناقشة مقترحات تعديل المرسوم وسبل تفعيل عمل الوحدات الإدارية.

ومع أن جزءاً من مشكلة المرسوم المذكور كانت تتمثل في السياسات والإجراءات الحكومية التي كانت تعرقل ممارسة الوحدات الإدارية لمهامها وصلاحياتها بموجب المرسوم المذكور، وتالياً محافظتها على مركزية القرار المتعلق بتلك الوحدات ومشروعاتها، إلا أن المعلومات التي حصل عليها موقع” أثر برس” تعطي بعضاً من التفاؤل بإمكانية حدوث نقلة نوعية في مسيرة الإدارة المحلية، إذ تكشف تلك المعلومات أن إحدى النقاط الهامة، والتي كانت على جدول بعض الاجتماعات وشهدت نقاشاً واسعاً، تتمثل في إمكانية أن يتم إخضاع منصب المحافظ للانتخاب الشعبي المباشر كما هو حال رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي.

مثل هذا المقترح إن وجد طريقه إلى النور يمكن أن يشكل نقلة نوعية في تجربة الإدارة المحلية ويكسبها مصداقية أكبر ولعدة أسباب يمكن إيجازها بما يلي:

– إلغاء مبدأ الحصانة التي يتمتع بها المحافظ حالياً، والتي تحول من دون تقييم عمله ومحاسبته على الأخطاء والتجاوزات التي يمارسها أو يسمح بها بعض المحافظين، فمن شأن التعديل المقترح إخضاع المحافظ للمحاسبة من قبل مجلس المحافظة المنتخب، وهذا من شأنه أن يرفع من مستوى الأداء، خاصة وأن مسألة بقاء المحافظ حينئذ لن تبقى أسيرة قرار أو رضا سياسي أو هكذا يفترض.

– انتهاء ظاهرة تدوير المحافظين بين المحافظات وما نجم عنها أحياناً من تشويه لمهام المحافظ ومسؤولياته، فالمحافظات متباينة فيما بينها تنموياً وخدمياً، وللأسف فإن ظاهرة التدوير غالباً ما كانت تنطلق من منح هذا المحافظ أو ذاك فرصة ثانية، لكن عملياً المحافظ الفاشل في التجربة لن ينجح في الثانية وهكذا، والأهم أن ذلك يحول من دون فتح ملفات المخالفات والتجاوزات والتقصير للمحافظ الخاضع للتدوير.

– تنظيم العلاقة بين المحافظ والوحدات الإدارية التابعة للمحافظة، فالمحافظ بموجب الوضع الجديد المفترض باتت صلاحياته معروفة ولن يكون بمقدوره فرض هيمنته على هذه الوحدات والضغط عليها كما يحدث الآن، إضافة إلى أن الجهتين منتخبتان والاحتكام في الأمور الخلافية سيكون للمجالس المحلية المنتخبة.

وتعقيباً على أهمية مثل هذا المقترح، يشير الدكتور أيمن ديوب الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق إلى أن “انتخاب المحافظ من قبل الشعب يحقق أعلى درجات الاستقلالية للوحدات الإدارية ويحقق مبدأ الديمقراطية ومشاركة الناس في اختيار المسؤولين المحليين، وهذا من شأنه تحقيق نتائج إيجابية كبيرة على مستوى عمل الوحدات الإدارية، من خلال زيادة كفاءة عملها وفعاليتها في جميع القطاعات، فضلاً عن خلق جو من التنافس وتبادل التجارب والمشروعات الناجحة، وقبل ذلك هو يدعم توزيع الاختصاصات بين السلطة المركزية والوحدات الإدارية ويحقق الهدف السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي للإدارة المحلية في البلاد”.

وفي حديث خاص لـ”أثر” يضيف ديوب أن الانتخاب الحاضر منذ نشأة الإدارة العامة والمطبق في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية، والتي لايزال ينتخب فيها القضاة وغيرهم بشكل مباشر من قبل الشعب، أثره السلبي الوحيد يكمن في المؤثرات الخارجية واضطرار المنتخب إلى إرضاء الجمهور في حال رغبته بالترشح مرة أخرى لهذا المنصب أو غيره، لكن ذلك يمكن تجاوزه عبر نشر ثقافة جديدة تعالج الأمراض المجتمعية التي قد تؤثر على المخرجات المتوقعة من هكذا خطوة، وهناك أيضاً ضرورة للعمل على إحداث تغيير حقيقي في بنية عمل الإدارة العامة”.

نجاح التجربة تحتاج إلى توفير مجموعة من المقومات لضمان تحقيق الأهداف المتوخاة والمتمثلة في دعم المحليات وتوسيع مجالات مسؤولياتها وصلاحياتها وتصحيح العلاقة بين مختلف أجهزة العمل المحلي، فالآلية القائمة حالياً على تعيين المحافظ بدلاً من انتخابها أفرغت كثيراً من مضمون المرسوم 107 وأحبطت الاستفادة من مزاياه الكثيرة، ومن هذه المقومات يمكن أن نذكر ما يلي:

– تحديد شروط ومواصفات الترشح لمنصب المحافظ بما يضمن وصول أشخاص لهم خبرتهم وإمكانياتهم على قيادة العمل المحلي وإنجاح التجربة التي لا تتحمل وجود أشخاص مغمورين أو بلا خبرة أو بلا شهادة جامعية مناسبة كما حدث مع الوحدات الإدارية في العديد من المناطق.

– تحديد واضح ودقيق للمهام والمسؤوليات والصلاحيات المعطاة للمحافظ المنتخب والحرص على توصيف شفاف لطبيعة العلاقة بينه وبين الوحدات الإدارية التابعة للمحافظة.

– توضيح إجراءات محاسبة المحافظ وتقييم أداء عمله من قبل المجالس المنتخبة ليعرف الجميع أن المنصب ليس مكافأة وإنما مسؤولية متابعة بالتقييم والمراقبة والمحاسبة أيضاً سواء من قبل المواطنين أو المجالس المنتخبة أو من قبل وسائل الإعلام المحلية.

– الحرص على نزاهة العملية الانتخابية وتصويب الأخطاء والممارسات السابقة، والتي ظهرت مع انتخابات نهاية العام 2022، وهذه مسؤولية مشتركة بين الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع الأهلي والمدني، وإلا فإن الآثار الإيجابية المتوقعة من التعديلات المقترحة لن تتحقق.

فهل يمكن أن نشهد قريباً إقراراً للمقترح المتعلق بإخضاع منصب المحافظ للانتخاب، ولتبدأ معه مرحلة جديدة من عمل الوحدات الإدارية واللامركزية الإدارية؟

 

 

اقرأ أيضاً