أثر برس

كتب زياد غصن.. التعديلات المقترحة على قانون الإعلام: ليس بالإمكان أفضل مما كان!

by Athr Press G

زياد غصن || أثر برس من المتوقع أن يبدأ مجلس الشعب قريباً بمناقشة مشروع القانون المحال للمجلس من قبل الحكومة، والمتعلق بإقرار قانون جديد للإعلام، وذلك بعد مرور أكثر من خمس سنوات على تكليف لجنة خاصة في وزارة الإعلام بوضع مقترحات لتعديل القانون، الصادر في العام 2011.

والمثير للسخرية أنه في الوقت الذي تحرص بعض المؤسسات العامة على دعوة الصحفيين للمشاركة في نقاشاتها الهادفة لتعديل بعض القوانين والأنظمة، تجاهلت الحكومة ووزارة الإعلام عرض التعديلات المقترحة على الصحفيين لإبداء رأيهم حيالها، وكأن هذا القانون لا يعني هؤلاء.

وفقاً للنسخة التي حصل عليها “أثر برس”، وعلى خلاف التصريحات الحكومية، التي تحدثت عن أن الهدف من التعديل إصدار قانون إعلام جديد وعصري، فإن مشروع القانون المعروض على مجلس الشعب لا يتضمن جديداً على صعيد تحسين بيئة العمل الصحفي في البلاد، أو على الأقل تجاوز المشاكل التي حالت من دون تنفيذ ما نص عليه القانون النافذ حالياً، لا بل إن هناك بنوداً في المشروع الجديد من شأنها التضييق أكثر على حرية الرأي والتعبير من قبيل ما نصت عليه المادة 15 في الفقرة (ج) لجهة شرعنة الإجراءات التي كانت تلجأ إليها بعض إدارات المؤسسات الإعلامية الرسمية من إيقاف صحفيين لديها عن العمل لأسباب يقال عادة إنها مهنية فيما هي عملياً رضوخاً لضغوط كانت تأتي من هنا وهناك، فقد نصت تلك الفقرة على جواز إيقاف الصحفي عن العمل لمدة ثلاثة أشهر بحجة “تداول أو نشر أي معلومات أو أخبار كاذبة أو ملفقة لم يقم الإعلامي بتوثيق مصدرها الأساسي”، وكذلك بحجة” كل ما يحظر نشره وفقاً للقوانين والأنظمة”.

وليس هذا فحسب، فما تضمنه القانون النافذ حالياً من توفير بعض الحصانة للصحفيين تم شطبها كالمادة 101 من القانون الحالي، والتي نصت على أنه “في جميع الأفعال التي تشكل جرائم ويقوم بها الإعلامي في معرض تأدية عمله باستثناء حالة الجرم المشهود لا يجوز تفتيشه أو تفتيش مكتبه أو توقيفه أو استجوابه إلا بعد إبلاغ المجلس أو فرع اتحاد الصحفيين لتكليف من يراه مناسباً للحضور مع الإعلامي، ويجري في حالة هذه الجرائم إبلاغ المجلس أو فرع اتحاد الصحفيين بالدعوى العامة المرفوعة بحق الإعلامي وجميع الإجراءات المتخذة بحقه”.

كما ويتجاهل مشروع القانون الجديد حقوق شريحة الصحفيين المستقلين بالعمل، وذلك بحصره تأدية الإعلامي الذي هو خارج الجهات العامة لعمله إما “بواسطة بطاقته الصحفية الصادرة عن الاتحاد بصفة عامل أو متمرن، أو البطاقة الصادرة عن الوزارة”.

عموماً يمكن حصر التعديلات المقترحة على قانون الإعلام بالنقاط التالية:

-زيادة قيمة الغرامات المتوجبة على مخالفة ما نص عليه القانون من حقوق وواجبات ومحظورات وإجراءات الترخيص وشروط ممارسة المهنة، ويبدو أن هذا هو الأهم بالنسبة لمقترحي التعديلات، فيما كان الأهم دراسة أسباب عدم تطبيق القانون النافذ وفشله في تطوير الإعلام المحلي كمراجعة شروط ترخيص المطبوعات التي توقف إصدارها نهائياً منذ العام 2020، وهي شروط عاد مشروع القانون الجديد لإيرادها كما هي من دون أدنى مراعاة لأكثر من 12 عاماً مضت!

-التعديل الأهم الوارد في مشروع القانون المقدم لمجلس الشعب ما تضمنه الفرع السابع، والمتعلق بالأنشطة الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يُخضع المشروع الجديد “ممارسة الأنشطة الإعلامية الاحترافية على وسائل التواصل الاجتماعي للاعتماد وفقاً لأحكام هذا القانون”، محدداً الأنشطة التي يطلب من أصحابها الحصول على الاعتماد بـ”الصفحات والتطبيقات والمنصات التي تقوم بتداول وعرض المواد المرئية والمسموعة والمقروءة، والصفحات المتخصصة للإعلانات الإلكترونية والمواقع الإعلانية الإلكترونية”.

ويحدد شروطاً لطلب الاعتماد مع إلزام الصفحات بمحظورات النشر الواردة في مشروع القانون، وهذا يمثل جوهر الأهداف الحكومية من تعديل قانون الإعلام وقبله قانون الجريمة الإلكترونية، علماً أن القانون الحالي لم يلزم المواقع الالكترونية بالحصول على ترخيص أثناء مزاولتها عملها وإنما ترك لها حرية الحصول على اعتمادية لتسهيل عملها الإعلامي، وكانت نظرة اللجنة آنذاك أننا مقبولون على فضاء جديد من التواصل الاتصال، ولا يمكن ضبطه بإجراءات إدارية.

-التعديل الثالث يتعلق بمنح وزير الإعلام صلاحية تشكيل لجنة برئاسة قاض يسميه وزير العدل مهمتها النظر بالمخالفات واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين وفقاً لأحكام هذا القانون، وتكون قراراتها نهائية ومعجلة النفاذ وقابلة للطعن أمام محكمة القضاء الإداري خلال مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغها.

وفي ضوء حذف مشروع القانون للمواد المنصوص عليها في القانون النافذ حالياً، والمتعلقة مثلاً باختصاص محكمة بداية الجزاء ومحكمة الاستئناف بالنظر في القضايا المعروضة أمام القضاء والمتعلقة بمخالفة أحكام القانون، فهذا يعني نقل اختصاص القضاء إلى لجنة مشكلة في وزارة الإعلام، ولا نعرف مدى دستورية مثل هذا الإجراء، علماً أن وزارة الإعلام كانت قد اقترحت، وأثناء نقاش تعديل قانون الإعلام في العام 2019، تشكيل “ضابطة عدلية” وتم رفضه من قبل اللجنة المشكلة آنذاك، وكانت حجة الوزارة آنذاك ضمان استيفائها للغرامات المنصوص عليها بالقانون بدلاً من ذهابها إلى الخزينة العامة كما هو المطبق حالباً!

باختصار أقول، وهذه وجهة نظر شخصية: إذا ما وجد مشروع قانون الإعلام الجديد طريقه إلى الإقرار، فإن ما هو متوقع لن يخرج عن التالي:

-تعمق الأزمة التي يعيشها الإعلام السوري لجهة تراجع عدد وسائله ومحتواه، فيما كان ينتظر أن يقدم مشروع القانون تسهيلات ومزايا استثنائية تشجع القطاعين العام والخاص على الاستثمار في الإعلام بمختلف وسائله، وتفتح آفاقاً جديدة أمام الإعلامي السوري لتطوير إمكانياته والعمل بحرية أوسع.

-زيادة حضور وتأثير وسائل الإعلام الخارجية في الشارع السوري، إذ إن مشروع القانون يكمل ما كان قد بدأه قانون الجريمة الالكترونية من زيادة مخاوف الإعلامي وتقييد عمله وحركته، وفتح المجال أمام ملاحقته باستخدام العبارات والمصطلحات الفضفاضة والواسعة والتي تحتمل أكثر من تفسير.

باختصار مشروع القانون بحاجة إلى إعادة صياغة كاملة من جديد، وذلك في ضوء التكرار وإيراد كثير من المصطلحات والعبارات “الفضفاضة” التي لا يوجد لها تعريف أو تحديد واضح قابل للقياس عند الرغبة بتقييم أي عمل إعلامي، فمثلاً ما هي القيم الوطنية للمجتمع السوري، وما هو تعريف الهوية الوطنية، وما هو المقصود بحرمة النظام العام، وأين هو ميثاق الشرف الإعلامي الذي نص عليه القانون الحالي الصادر منذ 12 عاماً ولم ير النور.

 

اقرأ أيضاً