كتب زياد غصن-خاص|| أثر برس عندما قررت الحكومة السابقة اعتماد سعرين لمادة البنزين قبل حوالي عامين، حددت فئة السيارات، التي يمكنها الحصول على مخصصات شهرية (200 ليتر) بسعر مدعوم، بتلك التي يبلغ سعر محركها 1600 CC وما دون.
قبل ذلك وبسنوات، وأثناء مراجعة رسم الإنفاق الاستهلاكي المفروض على السيارات السياحية، استقر الرأي على ضرورة زيادة ذلك الرسم على السيارات الحديثة، والتي يزيد سعة محركها على 2500 CC وما فوق فقط (حسب ما أذكر)، ومن دون المس بالفئات الأدنى من السيارات، على اعتبار أن ملكيتها تعود غالباً لمواطنين عاديين، ليسوا من أصحاب الثروات والأملاك.
اليوم، وضمن الفئات المقترح استبعادها من مشروع الدعم الحكومي، جاء أصحاب السيارات السياحية التي تعود سنة صنعها إلى العام 2008 وسعة محركها من 1501 CC وما فوق. ومع انتشار المعلومة على شبكات التواصل الاجتماعي فإن أكثر سؤال كان يطرح: لماذا تم تحديد تاريخ الصنع بـ2008؟ ولماذا تم خفض فئة السيارات المشمولة بالاستبعاد إلى 1501 CC، فيما المتعارف عليه أن السيارات التي تبلغ سعة محركها 1600 CC وما دون تعود ملكيتها غالباً لأصحاب الدخل المحدود وأبناء الطبقة الوسطى؟ وفي النهاية سيارة الركوب الصغيرة الخاصة هي وسيلة نقل لا أكثر، وليست وسيلة إنتاجية ومصدر للثراء.
حسب المعلومات التي حصل عليها موقع “أثر برس” فإن التقديرات تشير إلى أن عدد سيارات الركوب الخاصة الصغيرة التي يشملها اقتراح اللجنة الاقتصادية برفع الدعم يصل إلى حوالي 165 ألف سيارة، وعليه فإنه يمكن تقدير الوفورات المالية المرتقب تحقيقها جراء حرمان تلك السيارات من مخصصاتها الشهرية بالسعر المدعوم بحوالي 28.8 مليار ليرة شهرياً ( الفرق بين السعر المدعوم حالياً والسعر الحر لكمية 100 ليتر شهرياً)، وهذا يعني أن الحكومة سوف توفر أكثر من 346.5 مليار ليرة سنوياً.
أما لماذا حددت سعة المحرك للسيارة المستبعدة بـ 1501 C C، فذلك يعود ببساطة متناهية إلى أن العدد الأكبر من السيارات المستبعدة يقع بين الفئة 1501-1600 CC، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد سيارات الركوب ضمن هذه الفئة يقدر بحوالي 120 ألف سيارة، أي ما نسبته حوالي 72% من إجمالي عدد السيارات التي يتراوح سعة محركها ما بين 1501 إلى 5000 وما فوق، وتالياً فإن رفع حد الشريحة المستفيدة من الدعم لتشمل السيارات من فئة 1601 CC وما فوق، يعني تراجع قيمة الوفورات المالية التي تخطط الحكومة لجنيها جراء بيعها البنزين بالسعر الحر من حوالي 346.5 مليار ليرة سنوياً إلى حوالي 94.5 مليار ليرة !!
وعليه فإن تحديد الحكومة لسنة صنع وسعة محرك السيارات المقترح استبعادها من الدعم لم ينطلق من دراسة موضوعية تفصيلية لدخل أصحاب هذه السيارات وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية وإنفاقهم، وإنما كان الهدف إلزام أكبر عدد ممكن من سيارات الركوب السياحية للتزود بمادة البنزين غير المدعومة، بغية تحقيق أكبر قدر ممكن من الوفورات للمساهمة في تخفيض عجز الموازنة، والحديث الحكومي عن وجود توجه لاستخدام الوفورات المتحققة لدعم الفئات التي لا تزال مشمولة بالدعم هو حديث للاستهلاك الإعلامي، إذ أن جميع الحكومات السابقة كانت تردد الكلام نفسه في كل مرة ترفع بها أسعار السلع المدعومة، لكن من دون إجراءات فعلية.
هامش: تصر الحكومة على القول: إن سعر مادة البنزين غير المدعوم هو سعر التكلفة، وهو عملياً قد يكون كذلك.. لكن هل هذه هي فعلاً التكلفة الحقيقية مقارنة بدول الجوار؟