خاص|| أثر اشتكى عدد من السوريين من ارتفاع أسعار عمليات الولادة القيصرية التي يتقاضاها الأطباء في المشافي، دون رقابة، معتبرين أنها باتت تجارة رائجة.
فمنذ عدة أسابيع دفعت إحدى السيدات كلفة عملية قيصرية 3 مليون ونصف ل.س في إحدى المشافي الخاصة في دمشق وهو مبلغ كبير مقارنة بأسعار مشافي أخرى، في حين اضطرت سيدة أخرى للحجز في مشفى خاص لإجراء عملية قيصرية لعدم توفر طبيب تخدير في المشفى العام، بحسب ما أوضحوه لـ “أثر”.
وقالت طبيبة نسائية (رفضت ذكر اسمها) لـ “أثر”: “ما نراه اليوم علاقة عكسية، قد يكون متاح أن تجرى لأي سيدة عملية قيصرية في أحد المشافي الحكومية ولكن قد تصطدم بعوائق من أهمها أن الطبيب الذي كانت تراقب لديه طيلة فترة الحمل يفاجئها أنه لا يجري عملياته إلا في المشافي الخاصة وهذا ما لا قدرة لها على تحمله فتكاليف المشافي الخاصة باتت مكلفة وأقل عملية قيصرية تكلفتها اليوم بحدود 3 مليون ليرة، وثانياً وهو الأهم النقص في أطباء التخدير لدى المشافي العامة نظراً لقلة الأجر؛ وهذا الأخير (طبيب التخدير) موجود و نراه في المشافي الخاصة بسبب الدخل المرتفع الذي يتقاضاه”.
بدوره، المنسق الإعلامي لمؤسسة سماعة حكيم د. رأفت بحصاص الأخصائي بالأمراض النسائية، بيّن لـ “أثر” أن كل مشفى يتقاضى حسب الخدمات التي يقدمها للمريضة؛ فالقبول في معظم المشافي الخاصة يعتبر مرتفع؛ فالتكاليف مع الإقامة تزيد من أجرة التكاليف، مضيفاً: “مثلاً: طبيب يتقاضى أجرة يده (نصف مليون ليرة) وأجرة المشفى من تصنيف ثلاث نجوم 900 ألف هذا يعني أن تكلفة العملية ما يقارب مليون ونصف؛ وممكن في مشفى آخر أن تصل تكلفة العملية القيصرية إلى مليون ومئتي ألف ليرة”.
وتابع د.بحصاص: “فالفرق بين تقاضي مشفى وآخر ليست أجرة الطبيب إنما أجرة الدخول إلى المشفى فضلاً عن كلفة الحجز سواء أكان درجة أولى أو سويت بالتالي هذا يسبب ارتفاع في أسعار العمليات القيصرية، إضافة لذلك هناك ارتفاع في الأسعار من قبل بعض الأطباء الذين لهم اسمهم وسمعتهم وخبرتهم في إجراء العمليات؛ فيتقاضى بذلك الطبيب أجرة مرتفعة”، مضيفاً: “أما الولادات الطبيعية فهي متوفرة في معظم المشافي العامة ومجانية؛ ولكن الذي نعاني منه في فكرة العمليات القيصرية أن معظم الأطباء لا يستقبلون المريضة في المشفى العام لأنهم لا يجرون العمليات إلا في المشافي الخاصة”.
ـ الجمعيات الحل الوحيد
قال المنسق الإعلامي لمؤسسة سماعة حكيم د. رأفت بحصاص الأخصائي بالأمراض النسائية لـ “أثر”: “الجمعيات لعبت دوراً سلبياً فهي عدوة الطبيب الأول لأنها سحبت المرضى إلى المشافي الخاصة وأصبحت العمليات القيصرية تجرى عن طريق الجمعيات بتحويل المريضة إلى مشفى خاص سواء كانت باستطباب أو بدون استطباب؛ إضافة لذلك فإن الجمعيات سحبت المرضى من المشافي العامة وبالتالي أضاعت الفرصة على الأطباء المقيمين الذين يختصون في مشفى عام ويتعلمون ويخدمون المريض ويعملون على تقوية اختصاصهم عن طريق الممارسة وإجراء العمليات”، مضيفاً: “الجمعيات ساهمت بانهيار القطاع العام لأنها تسحب المرضى وتضيع الفرصة على الطبيب المقيم الذي يترك المشفى ويعمل في الخارج بالتالي الجمعيات لعبت دوراً سلبياً وليس إيجابياً، فمعظم الأطباء التي تتعامل معهم الجمعية غالباً ما يعتمدون على عدد العمليات التي يجرونها وليس على عدد الأطباء واختصاصهم”.
من جانبه، أوضح نقيب أطباء فرع دمشق د.عماد سعادة لـ “أثر” أن هناك تسعيرة موجودة في كل المشافي وهي تابعة لوزارة الصحة؛ مضيفاً: “ولكن للأسف لا أحد يلتزم بها لأنها غير منطقية ولكن هناك فروق بين مشفى وآخر وبين طبيب وآخر ولكن يجب أن تكون ضمن حد معين والفروق بين مشفى وآخر يجب أن تكون بسيطة وليست مرتفعة لحد مبالغ فيه”.
وتابع د.سعادة: “عندما نسأل أنفسنا ما سبب تكلفة العملية القيصرية الباهظ نجد أن هناك عدة أسباب منها: إذا دخلت السيدة يوم إضافي إلى المشفى فهذه تكلفة إضافية؛ إذا احتاجت أدوية أيضاً هذه تكلفة إضافية؛ فمنامة السيدة سواء أكانت درجة أولى أو ثانية أو ثالثة لها سعر، وتجهيز غرفة من الدرجة الأولى في المشافي الخاصة غير تجهيز غرفة من الدرجة الثالثة؛ ليست من ناحية الخدمة الطبية؛ الخدمة لا تختلف إنما التجهيزات الإضافية من براد وتلفزيون وشبكة نت وغير ذلك”.
وفي السياق ذاته، ذكر مدير صحة دمشق د. محمد سامر شحرور لـ “أثر” أن أجور العمليات وأجرة الطبيب تصدر بقرار من وزير الصحة؛ ولكن (لا نخفي) أن آخر تسعيرة صدرت بـ 2008 ولم تعدل حتى الآن لذلك كل طبيب يتقاضى تسعيرة مختلفة عن الآخر ولكنها غير ثابته، لافتاً إلى أنه قريباً ستصدر تسعيرة جديدة وستكون عبارة عن اتفاق ما بين المريض والطبيب.
وختم مدير صحة دمشق د. محمد سامر شحرور كلامه لـ “أثر” قائلاً: “لدينا مشافي عامة تغطي كل الاختصاصات فمن ليست لديه القدرة على الدخول للمشافي الخاصة فالحكومية موجودة”؛ مشيراً إلى أن العيادات والمشافي الخاصة هي درجات أيضاً وتكون عبارة عن عقد بين المريض والطبيب فأي مريض قد لا تناسبه مشفى معين يتفق مع الطبيب على إجراء العملية بغيرها وهكذا.
دينا عبد ــ دمشق