أثر برس

كواليس أسباب التصريحات الأخيرة.. هل أطفأ فيدان شرارة التقارب؟

by Athr Press Z

خاص|| أثر برس على الرغم من ضبابية المشهد السياسي بعد تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، والتي أشار فيها بشكل غير مباشر إلى توقف مسار التقارب مع دمشق، تتجه التقديرات إلى أن موقفاً تركياً مفاجئاً دفع فيدان للخروج والتعبير بشكل سلبي عن مسار التقارب، سيما وأنه قبل أيام قليلة من هذه التصريحات أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضرورة المصالحة مع دمشق وطلبه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وساطة للرئيس الأسد قبول دعوة أردوغان، وعقد لقاء مشترك وإتمام عملية التقارب.

لكن النهج السياسي الذي اتبعه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال تصريحاته يخالف جذرياً المسار الذي امتد أشهر عدة من تصريحات تركية على مختلف المستويات السياسية بما في ذلك المستوى الرئاسي، وعليه من الواضح أن تغييرات طارئة حكمت تصريحات فيدان في مسار التقارب.

لافروف وفيدان لحظات حاسمة

بالعودة إلى التصريحات الأخيرة الصادرة عن موسكو “عراب” التقارب التركي مع سوريا، وذلك قبل يوم واحد من تصريحات وزير الخارجية التركي، أشار لافروف إلى أن عدداً من الجنود الروس قتلوا في أوكرانيا بأسلحة تركية، معتبراً ذلك أمراً مفاجئاً لها على اعتبار أنقرة جهة وساطة بالحرب الأوكرانية، وعليه يبدو أن أنقرة ترد بطريقة غير مباشرة على تصريحات موسكو.

يربط الكاتب الصحافي في الشؤون التركية غسان يوسف أن تصريحات فيدان جاءت نتيجة حديث لافروف بخصوص مقتل عدد من جنودها بأسلحة تركية، واصفاً السياسة التركية مع روسيا بالمتذبذبة وغير المستقرة، وتصريحات فيدان بخصوص التقارب للضغط عليها.

ويعتقد الباحث في الشؤون التركية أن دمشق لا تهتم بشكل كبير بمثل هذه التصريحات كون موقفها واضح وثابت منذ بداية الحديث عن مسار التقارب، خاصة ملف الانسحاب التركي من أراضيها، وعليه تخطئ دوما أنقرة بتقديراتها السياسية مع سوريا وحتى مع موسكو.

قراءة خاطئة للعلاقة السورية -التركية

بينما يرى الخبير في الشؤون التركية سركيس قصارجيان أنه لا يمكن اعتبار تصريحات فيدان انقلاباً على مسار التقارب، بل جزء من الضغط لتسريع التقارب، يدل على ذلك طلب الرئيس التركي لنظيره الروسي بضرورة الضغط على دمشق في تسريع اللقاء، إذ تعتقد أنقرة في قراءاتها السياسية أن موسكو صاحبة القرار على دمشق، وبالتالي روسيا هي التي لا ترغب بالضغط على دمشق.

قصارجيان أشار إلى أن تركيا تخطئ دوماً في قراءتها السياسية للعلاقة السورية الروسية، وهو الأمر الذي يفضي بمثل التصريحات الصادرة من فيدان مؤخراً، لافتاً إلى أن سوريا لديها مواقف وثوابت واضحة في سياستها الخارجية الأمر الذي لم تستطع أنقره فهمه بدقة.

تهديد مبطن

لا شك أن حديث وزير الخارجية التركي مؤخراً بخصوص تعويم المجموعات الإرهابية شمالاً على أنها “معارضة سورية” يحمل طابع التلويح بالضغط على دمشق بالعودة إلى القرار 2254، وعليه يجب أن تعود دمشق وتسارع من خطواتها تجاه أنقرة.

وعليه يشير الكاتب الصحافي في الشؤون التركية غسان يوسف إلى أن سوريا ليس لديها ما تخسره، إذ يوجد احتلال تركي، ومجموعات إرهابية شمالاً، وعليه لن تخسر أي شيء، لافتاً إلى أنه بخلاف ذلك تماماً أنقرة هي من تحترق لإتمام الاتفاق، سيما وأن التقارب سيجعلها بوابة وممراً إلى الخليج ومنه لأوروبا.

وفي هذا السياق يرى الباحث في الشؤون التركية سركيس قصارجيان أن تهديداً واضحاً في حديث فيدان باستخدام ورقة الإرهاب، خاصة خلال حديثه عن فوضى محتملة قد يستخدمها الإرهابيون جراء الغارات الإسرائيلية، الأمر الذي ينذر بهجمات تطال نقاط الجيش السوري في المنطقة الشمالية المتاخمة للقوات التي تسيطر عليها أنقرة، بما في ذلك “هيئة تحرير الشام” الإرهابية.

تعويل على ترامب

تعتقد أنقرة أنه بعد فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية أميركية، سيؤدي إلى الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية، الأمر الذي سيشكل فراغاً في حال انسحبت القوات الأمريكية لا يمكن سده إلا بوجود القوات السورية، وعليه يرى الكاتب الصحافي غسان يوسف أن سوريا وحليفتها روسيا سيكون لهما الدور الأكبر بسد الفراغ ما يفرض حاجة تركية ملحة بتسريع التقارب.

كما يتفق سركيس قصارجيان الباحث في الشؤون التركية مع فكرة التعويل التركي على ولاية ترامب بالانسحاب من سوريا، إذ يرى أن الأمور كانت أكثر تعقيداً لأنقرة لو فازت كامالا هاريس، وعليه تترقب تركيا إجراءات ترامب القادمة في هذا الملف.

تشير التقديرات السياسية إلى أنه ثمة متغيرات قادمة ستحكم المشهد الإقليمي في المنطقة، إذ إن نهاية الحرب في لبنان باتت أحد أهم المسارات لأي خطوة إيجابية في عملية التقارب السوري، إذ إن الهدوء السياسي في المنطقة أحد أبرز المؤشرات المشجعة في مسار التقارب، عدا عن سياسة ترامب القادمة، وشرارات متقاذفة بين روسيا وتركيا، وعليه ربما تعلّق معظم المسارات لحين الهدوء الوضع في المنطقة.

د. أحمد الكناني 

اقرأ أيضاً