يبدو أن زيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الأخيرة إلى دمشق لم تحمل دفعاً لمسار التقارب التركي- السوري فقط، وسط تأكيد معلومات متقاطعة عن توافق البلدين على العرض الإماراتي لاستضافة اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في أبو ظبي، فإنها حملت معها أيضاً رسائل متبادلة بين دمشق والرياض عبر الضيف الإماراتي.
صحيفة “الخليج” الإماراتية أفادت في افتتاحيتها بالأمس بأن “زيارة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان واجتماعه بالرئيس السوري بشار الأسد، تأتي في سياق موقف إماراتي ثابت يعمل من أجل عودة سوريا إلى حاضنتها العربية، والسعي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية”.
وأضافت الصحيفة أن “سوريا كانت عبر التاريخ قلب العروبة النابض، والعمق الشمالي للأمن القومي العربي، وبفعل المؤامرة التي تعرّضت لها، مع غيرها من بعض الدول العربية جرّاء ما يسمى «الفوضى الخلاقة» التي عصفت بأمنها واستقرارها ووحدتها، صار من الواجب الوطني والقومي أن تمتد الأيادي الصادقة إليها لإنقاذها، وإخراجها من حمّام الدم والدمار”.
وختمت الصحيفة قائلةً: “لقد طال أمد الأزمة السورية، بكل تجليّاتها الكارثية، وبات العمل من أجل استرجاعها إلى حضنها العربي مسؤولية قومية وإنسانية، ومهمّة عاجلة.. وهذا ما تقوم به دولة الإمارات”.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “النهار العربي” اللبنانية عن مصادر سوريّة وخليجية موثوقة وجود وساطة إماراتيّة على خط العلاقات السورية- السعودية خاصةً، والسورية- العربية عموماً”، مؤكدةً عن مصادرها أن “وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد نقل رسالة سعوديّة إلى الرئيس بشار الأسد ورداً سورياً إلى الرياض”.
وأضافت المصادر أنه “على الرغم من وجود أجواء إيجابية بين الرياض ودمشق، غير أنها لا تزال بحاجة إلى إرادة سياسية لتحويلها إلى واقع فعلي”، رابطةً المسار السوري- المصري بالمسار السوري- السعودي.
وترى صحيفة “النهار” أن المهمة الإماراتية تبدو في محاولة إيجاد حل وسط بين المطالب السعودية- الأمريكية في ابتعاد دمشق عن إيران، مقابل تأكيد دمشق عمق علاقتها مع الحليف الإيراني، على حين تتلخّص الرؤية الإماراتية في إرساء معادلة عربية- إيرانية تكون دمشق في مركزها كوسيط وضامن في الوقت نفسه، إذ تبدو أبوظبي الأقدر على القيام بهذا الدور، نظراً إلى طبيعة سياساتها الوسطية تجاه إيران”.
وتمارس سفارات عربية ومنها خليجية أعمالها في العاصمة السورية بعد عودتها كالبحرين، وافتتاح أبو ظبي سفارتها عام 2018 إلى اليوم، وكانت الأوساط السياسية تترقب أن تفتح السفارة السعودية أبوابها منذ ذلك الحين.
وفي كانون الأول 2019، أفادت قناة “روسيا اليوم” بأن “السفارة السعودية في دمشق، تشهد أعمال صيانة توحي بأن المقر يستعد لاستئناف نشاطه الدبلوماسي وإن كان موعد ذلك لا زال ضمن الغرف المغلقة”، مشيرةً إلى أن هناك مؤشرات عدة تؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد تحولاً في العلاقات بين دمشق والرياض، وإعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق”.
والتقى مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في 20 كانون الثاني 2022، منتقلاً من الرياض إلى دمشق في يوم واحد، إذ التقى الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي بدى وكأنه محاولة لإعادة المياه إلى مجاريها بين الدولتين، بحسب مراقبين.
ونقلت وكالة “رويترز” حينها أنه جرى التباحث في أثناء اجتماع الرياض بين لافرنتييف وابن سلمان تطورات الأوضاع في سوريا، على حين أشارت وكالة” سانا” إلى أن اللقاء بين الرئيس بشار الأسد ولافرنتييف، دار عن آخر التطورات في الساحتين الإقليمية والدولية، والقضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك مع موسكو.
وفي تشرين الأول الماضي، كشف ألكسندر لافرنتييف أن هناك تطوراً جيداً في الحوار السوري- المصري، وبعض التطورات الإيجابية في العلاقات السورية السعودية أيضاً.
وأضاف لافرنتييف في حوار أجراه مع صحيفة “الوطن” المحلية أن “هناك آفاق ليصل هذا الحوار لمستوى أعلى”، لافتاً إلى أن “الدول العربية تتعرّض لضغط شديد من الولايات المتحدة التي تحذّرها من تقديم أي نوع من الدعم الاقتصادي لسوريا”.
أثر برس