بعد سنوات من المساعي الحثيثة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتنمية الاقتصاد الأمريكي بطرق شرعية وغير شرعية ليكون نقطة الارتكاز لدعم حملته الانتخابية المقبلة يأتي فيروس كورونا ليهدم كل ما بناه الرئيس الأمريكي بأيام معدودة.
ولإنجاح حملته الانتخابية يسعى الرئيس الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة لإقناع الأمريكيين بأن جهوده الاقتصادية قد أثمرت في تنامي دخل الفرد الأمريكي وزيادة فرص العمل وخفض معدل البطالة وهو ما أكدته العديد من التقارير الأمريكية، إلّا أن فيروس كورونا جاء ليأخذ طموحات الرئيس الأمريكي إلى مكان آخر، حيث يقول كبير الاقتصاديين الماليين في بنك “أم يو أف جي” كريس روبكي لصحيفة واشنطن بوست إن: “انقلاب مذهل للاقتصاد الأمريكي، من الأفضل في التاريخ إلى الأسوأ في التاريخ خلال شهرين فقط، أسرع ركود في التاريخ، مع عدم إنفاق أحد أي سنت، سيبقى على هذا النحو لفترة طويلة”، في حين أكدت العديد من التقارير الأمريكية بأن التراجع الأولي للاقتصاد الأمريكي خلال وباء كورونا الحالي ينبئ بأن الوضع سيكون أكثر حدة وأكثر إيلاماً مما كان عليه إبان أزمة 2008، بسبب إجبار 80 مليون أمريكي على البقاء في منازلهم.
وذكرت تلك التقارير أن ملف ملايين العمال الذين يتحولون للبطالة بسبب الانهيار الاقتصادي الناتج من كورونا، يفوق جهود الحكومة الفدرالية للاستجابة، على الرغم من إسراع مجلس الشيوخ يوم الجمعة الفائت لاستكمال وضع خطط لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي.
وفي ظل كل ما يجري، رجح بنك “أمريكا ميريل لينش” وفق ما نقلت وسائل إعلام أمريكية أن تعلن وزارة العمل هذا الأسبوع أن ما يقارب من ثلاثة ملايين أمريكي قد يطلبون لأول مرة الحصول على مساعدة البطالة، وهو رقم يزيد عن أربعة أضعاف الرقم القياسي الذي سُجل خلال أوج الركود عام 1982.
لكن قد يتساءل البعض ما علاقة الرئيس الأمريكي بما يجري؟
تسود حالة في أوساط الأمريكيين بأن تفشي الفيروس في أمريكا كان أحد أهم أسبابه عدم مبالاة الرئيس ترامب بما يجري، ووصفه العديد من الأمريكيين بأنه “شخص يفتقر للعطف الإنساني والشعور تجاه خسائر الآخرين”، بعد رفضه الانصات للخبراء الصحيين في الولايات المتحدة وحديثه يوم الثلاثاء الفائت، بأنه يهدف إلى إعادة فتح “أجزاء كبيرة من البلاد” قبل عيد الفصح، مع أن المسؤولين الصحيين نصحوا أي شخص غادر نيويورك مؤخراً بوضع نفسه في الحجر الذاتي لمدة أسبوعين، كما قال ترامب في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض: “آمل أن نتمكن من القيام بذلك (إلغاء الإغلاق) بحلول عيد الفصح، أعتقد أن ذلك سيكون أمراً رائعاً لبلدنا”، تلك التصريحات أثارت حالة من السخط لدى شخصيات تعتبر قادة رأي في الولايات المتحدة وتؤثر بشكل فعلي على الناخبين حيث يقول الحاخام جاك مولين ، رئيس تحالف الأديان: “إن إصرار الرئيس على مهلة تعسفية – رمزية – قد يعرض المزيد من الأرواح للخطر، إن الاقتراح القائل بأن خطر هذا الوباء سوف يمر من خلال عيد الفصح لا تؤكده الأدلة العلمية”.
الأمر طال داعمي ترامب الاقتصاديين
ما ساعد ترامب للوصول إلى مبتغاه قبل كورونا هو سلب مليارات الدولارات من دول الخليج العربي بحجة تقديم الحماية لهم لكن في أزمة كورونا يبدو أن الرئيس الأمريكي غير قادر على سلب المزيد من الأموال حيث أكدت العديد من التقارير الاقتصادية بأن الهبوط الكبير لأسعار النفط الذي يعتبر المورد المالي الأول لدول الخليج من شأنه أن يؤثر على الاحتياطي المالي الخليجي ما من شأنه التأثير على أهم الأوراق التي كان يستعين فيها الرئيس الأمريكي خلال أزماته السابقة.
كل المجريات تشير إلى أن أهم ورقة للرئيس الأمريكي في الانتخابات بدأت تحترق وأن حملته المقبلة باتت مهدده بشكل كبير، فترامب لم يرتكز طوال رئاسته سوى على الشق المالي ولم يسعى لتعزيز باقي المجالات ففشله المالي الآن يعني فشله في قيادة الولايات المتحدة.