بعد مرور 23 يوماً على الزلزال الذي حدث في سوريا وتركيا، بات من المنتظر معرفة تأثيراته في بعض المعادلات السياسية التي بدأت تتشكل مؤخراً بين دمشق وأنقرة.
في هذا الصدد كتبت الصحافية ماري ديجيفسكي في صحيفة “الإندبندنت” البريطانية: “إن بعض الكوارث تحفز جملة من التغييرات، ربما كان تحقيقها يتطلب وقتاً طويلاً، أو ربما لم تكن لتتحقق أبداً لو لم تقع كارثة”، مشيرة إلى أن “حساسية المناطق المتضررة في تركيا ذات الأغلبية الكردية، وتلك التي تسيطر عليها المعارضة السورية في شمالي سوريا، تعتبر مؤثرة بمستقبل أردوغان السياسي من جهة، وبمصير علاقته مع الرئيس السوري من جهة أخرى”.
على حين نقلت شبكة “بي بي سي” البريطانية عن الخبير في مجلس العلاقات الخارجية هنري رولينز، قوله: “قد يعيد الزلزال تشكيل السياسات في تركيا وسوريا”، مشيراً إلى أن “تركيا كانت تناور مؤخراً لإصلاح علاقاتها مع سوريا، ويمكن أن توفر الكارثة المشتركة الذريعة اللازمة لتسريع هذه العملية”.
وفي السياق ذاته، لفت الخبير في الشأن التركي حسني محلي، في مقال نشره موقع “الميادين نت” إلى أن “زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، بعث برسالة إلى الرئيس الأسد معزياً بضحايا الزلزال، وهو ما قد يعدّه أردوغان محاولة من المعارضة لتضييق الحصار عليه بوساطة الجارة الجنوبية سوريا”، لافتاً في الوقت ذاته إلى تأثيرات التقارب العربي من سوريا مؤخراً سيما زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق وإسطنبول، حيث قال: “إن زيارة سامح شكري إلى دمشق، وقبل تركيا، ولقاءه الرئيس الأسد الذي اتصل به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كانت وما زالت مؤشراً مهماً على التطورات المحتملة، وبات واضحاً أنها ستكون ضد حسابات أردوغان، إذا استمر في موقفه الرافض لمطالب الرئيس الأسد، وهي الانسحاب الكامل من الأراضي السورية، وإيقاف جميع أنواع الدعم للفصائل المسلحة، السورية منها وغير السورية الموجودة في إدلب، وبالتالي الاتفاق على صيغة عملية تساعد اللاجئين السوريين في تركيا على العودة إلى بلادهم”.
بينما أشارت صحيفة “العرب” إلى أنه قد يكون الزلزال تسبب بتأخير خطوات التقارب السوري- التركي، لكن في النهاية فإن الرئيس التركي مُجبر على التقارب من سوريا لحل المسألة الأمنية، حيث نشرت: “ألغى الزلزال كل التوقعات والحسابات السياسية بعد أن ألقى بظلاله على مسألة التقارب السوري – التركي، لكن حتى وإن حققت أنقرة مكسباً بفتح المعابر ومرور الآلاف من اللاجئين (إلى سوريا) إلّا أن المسألة الأمنية ستدفعها إلى التقرب من سوريا في وقت لاحق”.
وسبق أن أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن وزارء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران يرتبون لعقد اجتماع رباعي، وكذلك أعربت الخارجية الإيرانية عن ثقتها بأنه في المستقبل القريب سيتم استئناف العلاقات السياسية بين تركيا وسوريا، بعد توتر العلاقات بينهما منذ سنوات.