خاص || أثر برس
تعتبر مسألة رفع “قاطع الأمبير” من أبرز الهموم اليومية التي تعانيها الأسر الحلبية بشكل مستمر، إلا أن أبناء المدينة كان لهم الكلمة الأخيرة عبر اختراع بسيط للغاية ساعدهم في التغلب على “قواطع الأمبير” “العنيدة” التي لطالما أرهقت الأطفال والرجال وأجبرتهم على النزول إلى الشارع في أصعب الظروف لرفعها وإعادة النور إلى منازلهم من جديد.
فمع دخول مولدات “الأمبير” إلى مدينة حلب قبل سنوات، وتحولها إلى مصدر رئيسي للحصول على الطاقة الكهربائية، نتيجة عدم استقرار الواقع الكهربائي في المدينة، عمل أصحاب المولدات على إنشاء شبكات كهربائية خاصة بمولداتهم حسب الأبنية السكنية وعدد المشترِكين من سكانها، حيث يتم مد خط تغذية خاص من المولدة إلى موقع معيّن يتوسط عدة أبنية، ويوصل بعلبة كهربائية خاصة تضم قواطع كهربائية توصل الكهرباء للمشتركين في المنازل، حيث تختلف استطاعة تلك القواطع بحسب حجم الاشتراك الذي يطلبه المشترك بدءاً من أمبير واحد وصولاً إلى /25/ أمبير.
وفي حال استهلك المشترك أو حمّل حملاً كهربائياً زائداً عن حجم القاطع المخصص له، فإن القاطع “ينزل” بشكل تلقائي فاصلاً التيار الكهربائي عن منزل المشترك الأمر الذي جعل من مصطلح “نزل القاطع” المصطلح الأكثر تداولاً في منازل الحلبيين على مدار السنوات الماضية!.
ويسارع صاحب المنزل الذي “ينزل قاطعه” إلى التخفيف مجدداً من حجم استهلاكه، إلا أن المشكلة الرئيسية تكمن في اضطراره إلى النزول للشارع حيث علبة القواطع التي تضم قاطع بيته لرفعه من جديد وإعادة التيار الكهربائي.
وشكّلت مسألة استمرار فصل القاطع مع كل طارئ واضطرار صاحب المنزل إلى النزول لرفعه شخصياً أو عبر إرسال أحد أبنائه، معاناة حقيقية لأبناء مدينة حلب وخاصة خلال فترة الشتاء والبرد القارس الذي يصاحبها، الأمر الذي دفع بالحلبيين إلى التفكير جدياً بحل مثالي يجنبهم مشقة النزول إلى الشارع من جهة ويوفر على جيوبهم إنفاق مبالغ مالية كبيرة للحصول على “قواطع أوتوماتيكية” من جهة ثانية.
وتمثل الحل الذي توصل إليه الحلبيون بكل بساطة، في حبل رفيع من “النايلون” يُربط في فتحة القاطع العليا، يتم مده بشكل مباشر إلى شرفة منزل أو نافذة منزل المشترك بطريقة “تقنية” تعتمد سلاسة المسار وعدم وجود أي عوائق إلى جانب الوضعية العمودية بين القاطع والحبل الممدود لتسهيل عملية شدّ الحبل من الشرفة وبالتالي رفع القاطع من جديد دون تكبد عناء الخروج من المنزل.
وأصبح مشهد الحبال الممدودة من علبة القواطع باتجاه منازل المشتركين، معتاداً في شوارع المدينة، في ظل لجوء معظم الأسر إلى هذه العملية البسيطة، والتي أراحتهم، إلى جانب مسألة الخروج من البيت، من الإحراج الذي تضطر إليه ربات المنازل أحياناً، والمتمثل في مناداة المارة من الشوارع طلباً للمساعدة في رفع القاطع.
يشار إلى أن سعر “الأمبير” الواحد في مدينة حلب يتراوح ما بين /1000/ و/1400/ ليرة سورية في أحياء غرب المدينة التي تصلها التغذية الكهربائية النظامية، في حين يتجاوز سعر “الأمبير” في الأحياء الشرقية عتبة الـ /1800/ ليرة في أحياء شرق المدينة والتي مازالت تعاني انعدام التغذية الكهربائية نتيجة التخريب والدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية فيها خلال سنوات الحرب.
زاهر طحان – حلب