أثر برس

كيف تمكن حزب الله من خلق موازنة الردع مع الكيان الإسرائيلي؟

by Athr Press R

ضجت وسائل الإعلام العربية والعبرية قبل يومين بخبر عاجل عن وجود حدث أمني في شمال فلسطين المحتلة وسط تكهنات بقيام حزب الله بعملية أمنية على الحدود، في حدث دفع الكيان الإسرائيلي للتمني لو أن الغارة الأخيرة على محيط دمشق والتي أودت بحياة أحد عناصر الحزب لم تحدث من أصلها لما تلاها من تبعات في ظل الأزمات الداخلية التي يعاني منها والتي لا تخوله الدخول بأي مواجه في حال رد حزب الله.

ترجم ذلك بشكل جلي من خلال إرسال الكيان الإسرائيلي إلى حزب الله، بداية الأسبوع الجاري رسائل عبر وسطاء، بأنها لم تكن تعلم أن علي محسن الذي قضى بالغارة كان موجوداً في الموقع الذي استهدفته في سورية الأسبوع الماضي، هذه الرسالة رأى فيها العديد من المراقبين بأنها رسالة تراجع إسرائيلي أمام حزب الله، ومحاولة من تحت الطاولة للتأثير في مستوى ردّه عبر تأكيد أنه لم يكن يخطط لاغتيال محسن.

كل ما كان يريده الكيان الإسرائيلي من الحزب رسالة طمأنه كأن يرد بأنه “لو تكرر هذا الشيء سيكون الرد قاسي” وذلك بهدف تخفيف حالة التوتر في شمال فلسطين المحتلة حيث تشهد المنطقة الحدودية الشمالية حالة ترقب واستنفار كامل من إخلاء مواقع لتقليص الاهداف التي قد يستهدفها حزب الله، والاختباء في ما تبقى منها منعاً لظهور أي من الجنود والضباط، حيث ذكرت مصادر عسكرية في الكيان الإسرائيلي في حديث إلى القناة الـ 12 العبرية، أن تعذّر معرفة الجيش الإسرائيلي للطريقة التي سيرد بها حزب الله، يدفع إلى الاستعداد لمواجهة أي فرضية يمكن تصورها، من بينها إطلاق صواريخ كاتيوشا وعملية قنص جنود أو إطلاق صاروخ ضد الدروع على آلية عسكرية، وصولاً إلى الشلل التام في شمال فلسطين المحتلة كل هذا التوتر الذي يحدث هناك، ونتيجة لهذا التوتر والخوف من الصواريخ المضادة للدروع تدهورت آلية عسكرية وقتل جندي وجرح آخر قبل أيام في مزارع شبعا، وصولاً إلى اشتباك جيش الكيان مع نفسه قبل يومين.

ما جرى قبل يومين واشتباك جنود الكيان مع أنفسهم بسبب حالة التوتر جاء كنتيجة واضحة بأن حزب الله نجح في توظيف صمته لإرباك الكيان الإسرائيلي، وانعكس ذلك على المستويات السياسية والأمنية والإعلامية، لينعكس على أداء جيش الكيان وقياداته، فـ”إسرائيل”  التي كانت تقصف 40 قرية لبنانية لمجرد سقوط صاروخ أو قذيفة، أصبحت اليوم تقصف الأحراج المحيطة بمنطقة العملية (في حال وجود عملية)، ثم تكتفي بذلك، وتطلب من الطرف المقابل الاكتفاء، فيمكننا القول إن حزب الله حافظ عبر البيان الذي قال فيه إنه لم يقم بأي عملية على الحدود وبأن الرد على اغتيال أحد عناصره قادم لا محالة، على المعادلة الرادعة بأنّ كل كادر أو جندي له يغتاله جيش الكيان، ستتحمّل “إسرائيل” المسؤولية الكاملة، وأنّ الرد حتمي.

وفي هذه الأوقات يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي عدة أزمات في فشله في التصدّي لانتشار كورونا، والملاحقات القانونيّة التي تُطارده بسبب فساده المالي، فإن ما يعاني منه نتنياهو من شأنه أن يزيد حالة الارباك على الحدود الشمالية فأي ردة فعل خاطئة من شأنها أن تقضي عليه في الداخل الإسرائيلي.

كل ذلك التوتر والقلق وملايين الدولارات التي تدفع بسبب الاستنفارات العسكرية جاءت نتيجة لسقوط أحد شباب حزب الله في دمشق بالغارة الإسرائيلية، ما يضع تساؤل، كيف تمكن حزب الله من خلق موازنة الردع هذه؟

قد يكون الجواب على هذا التساؤل هو أن حزب الله بات يمتلك قوة أكبر من السابق أو أنه بات يمتلك صواريخ دقيقة لكن الجواب الحقيقي على هذا التساؤل جاء على لسان وزير أمن الكيان السابق أفيغدور ليبرمان عندما قال: “نصرُ اللهِ أثبت مع الأسف أن كلمته كلمة، والعين بالعين، والسن بالسن…عنصرٌ مِنْ حزب الله قُتل في دمشق، والشمال كلّه مشلول”، خلاصة تصريح ليبرمان هي أن حزب الله تمكن من خلق تلك المعادلة من خلال سلسلة الردود على استهدافات سابقة فلو لم يقم الحزب بالرد بهذه الطريقة في وقت سابق ووضع قواعد اشتباك مع الكيان الإسرائيلي لكان عناصره في سورية الآن تحت رحمة الطائرات الإسرائيلية التي ستلاحقهم أينما ذهبوا.

رضا توتنجي

أثر برس

اقرأ أيضاً