خاص|| أثر برس
تخيم في الفترة الحالية أجواء من الانقسامات والخلافات بين صفوف “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث بدأت هذه الانقسامات تظهر بشكل واضح بعد قرار الانسحاب الأمريكي من سورية.
قرار الانسحاب تسبب بهزة كبيرة في صفوف “قسد” التي لم يكن لديها أي علم مسبق بخصوص هذا القرار الذي تم الإعلان عنه في الوقت الذي يجتمع فيه قادة “قسد” مع مسؤولين أمريكيين لبحث مستقبلهم بعد القضاء على تنظيم “داعش” في سورية، ما دفع بعض القادة الأكراد إلى إصدار تصريحات أكدوا خلالها استعدادهم للانضمام إلى القوات السورية.
في ظل ردة الفعل هذه من “قسد” حاولت الولايات المتحدة إنقاذ موقفها، فأعلنت الإدارة الأمريكية عن نيتها إبقاء عدد من الجنود الأمريكيين في شمال شرق سورية، كما أشارت إلى أن عملية الانسحاب ستبدأ بعدما يتم القضاء بشكل كامل على تنظيم “داعش”، هذه التصريحات من الإدارة الأمريكية تزامنت مع غياب الحديث عن المحادثات بين “قسد” والدولة السورية، وفي الوقت ذاته أكدت وكالة “رويترز” أن الأحزاب الكردية تسعى إلى حل الخلافات المنتشرة بينها.
وقبل أيام قليلة، بدأت تنكشف الخلافات بين صفوف “قسد” وتباينت آرائهم حول مستقبلهم وعلاقتهم مع الولايات المتحدة، فهناك مسؤولون من “قسد” كشفوا عن نية التخلي عن المكون العربي والبقاء على المكون الكردي، ومسؤولون آخرون كشفوا عن رغبة قسم من قياديي “قسد” بالعودة إلى الدولة السورية ورفض بعضهم الآخر لذلك.
وبالتأكيد واشنطن منتبهة لهذا الانقسام في صفوف “قسد” وبالرغم من ذلك فهي لم يصدر عن مسؤوليها أي تصريح حول هذا الانقسام، وفي الوقت ذاته واضح أن الولايات المتحدة لا ترغب بالتخلي عن “قسد”، والدليل أن تحالفها معهم كان عامل مهم بتوتر العلاقات الأمريكية-التركية، دون أن تغير واشنطن شيء في موقفها إزاء الأكراد، ما يشير إلى أن أمريكا مستفيدة من هذا الانقسام، وربما يكون من مصلحتها التخلص من المكون العربي في “قسد” لتبقي فقط على المكون الكردي الذي يطمح بإنشاء “إدارة ذاتية” تخدم الأهداف الأمريكية التقسيمية في أراضي شرق الفرات السورية ذات الموقع الاستراتيجي.
أما بالنسبة لموقف الدولة السورية من هذا المشهد، فبدأ به المبعوث السوري الدائم لدى مجلس الأمن بشار الجعفري، حيث أكد خلال لقاء أجراه سابقاً مع قناة “الميادين” أنه لا انسحاب أمريكي من سورية وما يجري هو فقط إعادة تموضع، كما أن الرئيس بشار الأسد، وجه رسالة ضمنية للأكراد خلال خطابه الذي ألقاه أمام رؤساء مجالس الإدارة المحلية، قال فيها: “نقول لهذه المجموعات التي تراهن على الأمريكي إنه لن يحميكم ولن يضعكم لا في قلبه ولا في حضنه بل سيضعكم في جيبه لكي تكونوا أداة للمقايضة مع الدولارات التي يحملها وهو بدأ بالمقايضة”، كما خاطب وزير الدفاع السوري العماد علي عبد الله أيوب، الأكراد بشكل مباشر، حيث قال: “ما يتعلق بما تسمى قسد فمنطق الدولة والمواطنة يفرض أن يكون أبناء الوطن مع دولتهم وجيشهم بغض النظر عن وجود رؤى سياسية قد تتباين، لكن لا يجوز أن تصل إلى حد حمل السلاح في وجه الجيش.. والورقة الوحيدة المتبقية في أيدي الأمريكيين وحلفائهم هي قسد وسيتم التعامل معها بالأسلوبين المعتمدين من الدولة السورية.. المصالحات الوطنية أو تحرير الأراضي التي يسيطرون عليها بالقوة”.
يبدو أنه بعدما انتهت “قسد” من سيناريو القضاء على تنظيم “داعش” بالتعاون مع “التحالف الدولي” بدأ ينكشف المخطط الأمريكي شيئاً فشيئاً، كما بدأت بعض مكونات “قسد” تعي حقيقة تحالفها مع الولايات المتحدة والمستقبل الذي ينتظرها بعد هذا التحالف.
زهراء سرحان