“اطلب العلم ولو في الصين”، حديث ردد على مسامعنا منذ الطفولة.. اليوم، يقول السوريون “عذراً” متسائلين: “كيف نطلب العلم ونحن في هذه البلاد؟”.
أبو سعيد، والد لـ 3 أطفال، طفلان في المرحلة الابتدائية، وآخر في المرحلة الإعدادية، يقطن في أحد أحياء دمشق القديمة، ويعمل موظف حكومي.
يقول أبو سعيد: “مُرتّبي الوظيفي لا يتجاوز الـ 30000 ليرة شهرياً، وأولادي طُلاب علم، وللأسف، بات للعلم تكاليف تفوق قدرتي”.
علامات التوتر والاضطراب ترتسم على ملامح أبو سعيد، يسكب الشاي في فنجان أزرق اللون، مُحطم الأطراف، ويضيف مبتسماً: “حقيبة، بدلة مدرسية، وقرطاسية، إيـــه إلنا الله”.
عبد الرحمن، صاحب محل قرطاسية في منطقة المسكية، يتحدث بلهجته المحلية عن تكاليف المبيعات هذا العام قائلاً: “أقل قلم بـ 150 ليرة، وأقل دفتر بـ 250 ليرة، ولسه ما حكينا عن التجليد والمساطر والمحايات و..الخ”.
يضيف عبد الرحمن: “الشغلة مو من عنّا، نحنا منشتري من التجار ومنبيع، ويا دوب المرابح توفي” على حد قوله!.
المؤلم في الأمر، أن اللوازم المدرسية لا تتوقف عند حد القرطاسية فحسب، إذ أن السعر الأبهظ ثمناً بات من حصة “البدلة المدرسية” التي يتراوح سعرها بين الـ 8000 والـ 20000 ليرة سورية، أي ما يعادل ثلثي راتب الموظف الحكومي تقريباً.
لا يتوقف الأمر هنا، إذ أن هناك تكاليف المواصلات التي يحتاجها الطالب في تنقلاته، ومصروفه، وحاجياته المعيشية مقارنة بحاجياته صيفاً خلال عطلته.
على هامش ما تحدثنا عنه، يتضح يوماً بعد آخر، أن الضحية الأكبر في هذه الحرب تتجسد في حالة أبو سعيد، الذي بات يُمثل الشريحة الأكبر من المجتمع السوري.