مع استمرار التصعيد الميداني في أوكرانيا بين روسيا من جهة وأمريكا والدول الغربية من جهة أخرى، يشير محللون إلى اكتساب الموقف التركي أهمية كبرى في عدد من الملفات على الصعيدين الداخلي والخارجي، بما فيه تقارب أنقرة مع دمشق، ولاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذي حدده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 14 آيار القادم.
وتعليقاً على ذلك، يرى باحث العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي حسن محلي في مقال له في “الميادين نت”، إنّ “التصعيد الخطير في أوكرانيا بما في ذلك احتمالات استخدام الأسلحة النووية التكتيكية سيعني في نهاية المطاف أن لا أحد سيضغط على أردوغان في موضوع المصالحة التركية – السورية، كما أن لا أحد في الغرب يريد المزيد من التوتر في العلاقة مع أردوغان”.
ويشير محلي إلى أن “أردوغان لن يستعجل المصالحة مع سوريا، كما أنه سيتهرّب من استفزاز واشنطن في شرق الفرات على الرغم من اتهاماته المتكرّرة لها باحتلال الشرق السوري ودعم “وحدات حماية الشعب الكردية” وهي الذراع السوري لـ “حزب العمال الكردستاني التركي”.
ويوضح الباحث في الشأن التركي، أن “أردوغان نجح حتى الآن في الاستفادة من مجمل التناقضات الإقليمية والدولية، ويبدو أنه ما زال الأكثر حظاً في تعاملات الغرب وروسيا مع تركيا، وكما هو الحال عليه مع العواصم العربية التي صالحها، غير أنها لن تضغط عليه لإنهاء الأزمة السورية بسبب الخلافات العربية – العربية ودخول “إسرائيل” على الخط واستمرار التآمر الأمريكي والغربي والإسرائيلي والخليجي على إيران، وهو ما يجعل من تركيا عنصراً مهماً في حسابات هذا الرباعي التقليدي”.
وعن العلاقة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، يقول محلي: إنّ “ الرئيس بوتين بحاجة لأردوغان؛ بسبب موقع تركيا الجغرافي المهم والاستراتيجي أي الإشراف على البحر الأسود ومضيقي البوسفور والدردنيل، وتالياً لن يفكّر أردوغان بتقديم كل التنازلات المطلوبة منه في الملف السوري عموماً وبشكل خاص في إدلب على الرغم من حديث بعض الأوساط العسكرية عن تحركات تركية في هذا الاتجاه، ولكن من دون أي موقف عملي طالما أن موسكو بدورها لا تريد مضايقة أردوغان في هذا الموضوع وفي هذه المرحلة الحساسة بالنسبة لها”.
في المقابل، يشير الخبير الروسي كيريل سيميونوف في شؤون النزاعات في الشرق الأوسط، في مقال نشره في موقع “المجلس الروسي للشؤون الدولية” إلى أنه بدأت تظهر بعض التحولات الإيجابية في الاتجاه الاقتصادي بين أنقرة ودمشق، كنوع من التقدم على طريق تطبيع العلاقات”.
مضيفاً: أن “الجماعات المتطرفة التي تسيطرعلى المناطق الشمالية الغربية من سوريا بدأت بإزالة بعض الحواجز التي تعيق خطوط النقل بين المناطق الحكومية وجيوب المعارضة، إذ يمكن أن يكون فتح الأبواب الاقتصادية على مصراعيها أحد أهم الأساليب التي قد تدفع دمشق إلى الاقتراب من أنقرة، وهذا يعني أن التفاعل التجاري يمكن أن يوفر الأرضية لـ “ذوبان الجليد” السياسي بين البلدين.
ويرى سيميونوف أن “استعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة ستسمح باختراق الحصار الاقتصادي طويل الأمد وفتح الحدود، فقد تصبح سوريا مرة أخرى أكثر الطرق البرية ملاءمة وأقصر الطرق التي تربط الأناضول بشبه الجزيرة العربية وستتمتع بجميع المزايا اللوجستية”.
ولفت الخبير الروسي إلى أنه “على الرغم من “قانون قيصر” والعقوبات الغربية، فإن سوريا بفضل وجود حدود مشتركة مع تركيا و “المناطق الرمادية” التي ستبقى فيها جيوب المعارضة لبعض الوقت، ستكون قادرة على توفير واردات “الظل” من البضائع الضرورية التي تمنع العقوبات من الحصول عليها، وقد ينطبق هذا حتى على الوقود، الذي تعاني دمشق من نقصه بشكل حاد”.
أثر برس