خاص ||أثر برس يستيقظ الشاب (أحمد 30 عاماً) القاطن في دمشق، كل يوم عند الساعة 7 صباحاً وينظر إلى جواله، على أمل وصول رسالة البنزين، فلا يجد نتيجة، ليتابع رحلته الصباحية مع تطبيق (وين) ويراقب دوره في البنزين المباشر، متأملاً أنّ يكون قد اقترب، ولكنه يغلق جواله خائباً لأنه أيضاً يجد عدد المنتظرين أمامه ازداد عن يوم أمس.
أحمد ليس الشخص الوحيد الذي يعاني ما يعانيه للحصول على مخصصاته من البنزين، وإنما هي حالة جميع أصحاب السيارات في سوريا، فعلى ما يبدو أنّ الحلول لم تبصر النور بعد، لا انفراجات واضحة في المشتقات النفطية، ولا أخبار سارة حملتها الحكومة للمواطنين، فهذه المرة الأولى في تاريخ سوريا- إن جاز التعبير- يصل التقشف الحكومي في مادة البنزين لهذا المستوى، إذ بلغت مدّة وصول رسالة “البنزين” المدعوم وغير المدعوم للسيارات الخاصة في البلاد نحو 30 يوماً ورسالة البنزين المباشر تجاوزت الشهر بأسبوع أيضاً فعلياً، والتوقعات تقول إنّها قد تصل إلى أكثر من 50 يوماً، وذلك على خلفية أزمة المشتقات النفطية التي تمرّ بها البلاد منذ أكثر من شهر ونصف ولا زالت مستمرة إلى اليوم.
بلغة الأرقام:
وعند سؤال أحمد وهو أحد أصحاب السيارات الخاصة بدمشق عن طول المدة التي استغرقتها رسالة البنزين للوصول عن المرة الماضية، قال في حديثه لـ”أثر”: “وصلتني الرسالة يوم أمس بعد قرابة شهر تقريباً من التعبئة، وهذه هي الفترة الأطول منذ تطبيق نظام البطاقة الإلكترونية على السيارات”، مبيناً أنّ المدة غير مقبولة إطلاقاً والحكومة خفضت البنزين على المواطنين بطريقة غير مباشرة ولم تعلن عن ذلك أساساً.
وعن طول المدة بالنسبة لرسالة البنزين المباشر غير المدعوم، قال: “لن أتحدث بذكر أيام ولكن سأتكلم بالأرقام، قمت بالتعبئة في تاريخ 9 كانون الأول 2022 بعد قرابة شهر وخمسة أيام من التعبئة التي سبقتها، وعندما قمت بإعادة طلب الرسالة، كان أمامي 28 ألف سيارة، واليوم بعد مرور 17 يوم على الرسالة، لا يزال أمامي 19 ألف سيارة”.
وأضاف: “يمكن الاستنتاج من ذلك أنّه خلال 17 يوم انخفض العدد 9 آلاف سيارة، أي بمعدل 530 سيارة تمت تعبئتها يومياً، وهذا يشير إلى أنّ إعادة وصول الرسالة يحتاج أيضاً نحو 35 يوماً إذا ما أردنا تقسيم عدد السيارات المتبقية أمامي (19 ألف سيارة) على وسطي التعبئة اليومية (530) سيارة”، أي أنّ فترة وصول رسالة البنزين المباشر تحتاج نحو 52 يوماً”.
بنزين السوق السوداء متوفر!
رغم الأزمة الخانقة التي لا تزال البلاد تمر بها في المشتقات النفطية، إلّا أنّ السؤال الغريب الذي يطرح دائماً “من أين يأتي بنزين السوق السوداء”؟
حيث روى (أبو غسان 42 عاماً) يملك سيارة عمومي بدمشق، أنّ البنزين الذي يحصل عليه عبر الرسائل لا يكفي للعمل على سيارته، ما يدفعه إلى شرائه من السوق السوداء بأسعار عالية تصل إلى 14 ألف لكل ليتر، مبيناً أنّ البنزين أوكتان 95 متوفر وبشكل كبير في بعض المناطق بسعر 220 ألف للبيدون الواحد في منطقة السومرية، على حد قوله.
وأكّد كلام (أبو غسان)، العديد من أصحاب السيارات العمومي والخاصة أيضاً، حيث بينوا أنّ المادة متوفرة بالسوق السوداء وبأسعار عدة، البعض يشتريه من داخل العاصمة بسعر أدناه 12 ألف ليرة لليتر الواحد وقد يصل أحياناً إلى 15 ألف ليرة سورية، وآخرون يشترونه من مناطق حدودية مع لبنان يصل سعر الليتر إلى 7 آلاف ولكن ربما بعد المسافة لا تدفع من ليس مضطراً للذهاب إلى هناك.
رد حكومي مختصر و«مفرح»:
مصادر حكومية مطلعة أكّد لـ”أثر”، أنّ “المرحلة المقبلة بالتأكيد ستشهد انفراجات واضحة في المشتقات النفطية في البلاد”، متوقعة أنّ “ذلك سيكون مع بداية العام المقبل ولن يطول ذلك كثيراً والمسألة هي مسألة أيام لا أكثر”.
وفي وقت سابق، رصده أثر التغيرات التي طرأت على سعر مادة البنزين منذ عام 2012 إذ تبيّن أنّ حصة مادة البنزين من قرارات الحكومة كانت (21) قرار ويضاف إليها القرار الأخير لتصبح (22) قرار، من بين جميع القرارات التي رفعت أسعار المشتقات النفطية في البلاد.
وفي وقت سابق، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر مادة البنزين المباعة للفعاليات الاقتصادية حيث سعرته بـ 4900 ليرة لليتر الواحد، كما وحدد القرار سعر مبيع مادة البنزين أوكتان 90 للمستهلك بسعر 3000 ليرة سورية لليتر الواحد، أمّا سعر مبيع بنزين اوكتان 95 بـ 5300 ليرة للتر أيضاً.
قصي أحمد المحمد