خاص || أثر برس شهدت أسعار المستوردات في سورية، ارتفاعاً كبيراً خلال سنوات الحرب ومنها الأرز، وكانت الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية قد أعلنت مؤخراً تسجيل واعتماد أصناف مخصصة من الأرز للزراعة في منطقة سهل عكار بمحافظة طرطوس.
وفي الحديث عن التفاصيل، قال د. تامر الحنيش مدير إدارة بحوث المحاصيل في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، خلال لقاءه مع “أثر برس” إن محصول الأرز لا يعد جديداً على المزارع السوري بحيث تم زرعه في أربعينيات القرن الماضي في محافظتي الرقة وسهل الغاب بسبب توفر المياه في تلك المناطق، وفي بداية الخمسينات تراجعت هذه الزراعة بسبب دخول محصول القطن كمنافس له من ناحية تكاليف الانتاج والمردود العالي للقطن، إضافة إلى الخوف آنذاك من تفشي مرض الملاريا حيث كان الأرز يزرع مغموراً في تلك المناطق.
ولفت إلى أنه مجدداً وفي عام 2010 تم إدخال مشروع لزراعة الأرز عن طريق منظمة الزراعة والأغذية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة “الفاو” بالتعاون مع وزارة الزراعة ممثلة بالهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، وتم إدخال 19 صنف من الأرز من مصادر مختلفة لزراعتها في سورية بشكل جاف “وتمت تسميته بالأرز الجاف بحيث يكون عن طريق الري وليس الغمر” مع تباين هذه الأصناف من حيث المصدر والاحتياجات، وكانت عبارة عن “صنف ايطالي، 3 أصناف صينية، 4 أصناف فلبيبنة، 6 أصناف مصرية، 5 أصناف عبر منظمة تطوير الأرز في غرب أفريقيا”.
كما تمت زراعة هذه الأصناف في محافظتي الرقة ودير الزور لموسمين متتاليين في عامي 2010 / 2011 ، وبسبب الحرب في تلك المناطق تم إيقافها، وحالياً تم اعتماد 4 أصناف من الأرز للزراعة، الأصناف المعتمدة تم تسميتها محلياً “زاهد واحد، زاهد اثنين، زاهد ثلاثة، زاهد أربعة”.
وعن هذه الأصناف شرح مدير إدارة بحوث المحاصيل في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية:
زاهد واحد: صنف مصري قصير الحبة إنتاجيته بالمتوسط 5 طن بالهكتار وهو أقل إستهلاكاً للماء بين الأصناف.
زاهد اثنين: صنف إيطالي انتاجيته تقارب انتاجية المصري، متوسط طول الحبة يتميز بنسبة نشاء عالية.
زاهد ثلاثة: صنف صيني يتميز بنسبة البروتين العالية تجاوزت 9.2 إنتاجيته جيدة ونسبة استهلاك الماء قليلة.
زاهد أربعة: أفريقي إنتاجيته جيدة وهو أكثر الأصناف إنتاجية تجاوزت 6 طن بالهكتار.
وفي مرحلة الحصاد يتم تقشير حبوب الأرز بآلات خاصة ثم يدخل مرحلة الغربلة لفصل الحبوب المكسورة عن الكاملة، وقامت البحوث العلمية بإجراء تجارب لتبييض الأرز ليدخل بعدها في مرحلة التلميع ثم التعبئة والتغليف.
وعن سبب اختيار سهل عكار لهذه الزراعة، قال د. محمد منهل الزعبي مدير إدارة بحوث الموارد الطبيعية في الهيئة: “إن الاحتياج المائي العالي للأرز جعلنا نتجه إلى طرائق بديلة حديثة تخفف من الاحتياج المائي، وفي البحث وجدنا أنسب مكان هو سهل عكار، لأن هذا السهل يعاني من الغدق إضافة إلى الاستفادة من الرطوبة الجوية، وبذلك تم تخفيض الاحتياج المائي إلى ما يقارب 8 إلى 9 آلاف متر مكعب في الهكتار وبالتالي أصبح المحصول اقتصادي مائياً، فعندما نتحدث عن أي محصول نأخذ بعين الاعتبار احتياجه المائي من ثم يتم تبنيه في سورية، والآن بعد 5 سنوات من التجارب في سهل عكار ونجاحه “احتياجه المائي قليل – إنتاجه جيد وصل 6 طن – احتياجه من المبيدات قليل – احتياج السمادي قليل.”
وأضاف: “نستطيع أن نقول بأن المحصول مناسب جداً لزراعته في سورية في هذه المنطقة، وخلال موسم أو موسمين سنجد هذا المنتج في الأسواق السورية، وتكمن أهمية هذا الانجاز في الفائدة الاقتصادية للأسواق، وانخفاض أسعار الأرز على المواطنين”.
ولفت الزعبي، إلى أنه عند زراعة المنتج كان هناك عائق هو عدم توفر آلة تقشير لأنه تم إرسالها من قبل منظمة الأغذية ما قبل الحرب وبقيت في الرقة، فقام المتخصصون بالهندسة التقنية، بصناعة آلة مناسبة لتقشير هذا المنتج، ونالت هذه الآلة براءة اختراع “وبالتالي نحن جاهزون للمنتج بكل معنى الكلمة منذ الزراعة حتى الحصاد وحتى تقديمه للمستهلك”.
ويعد الأرز الغذاء الاساسي لأكثر من 60 بالمئة من سكان العالم وتأتي أهميته في المرتبة الثانية من حيث الأهمية الاقتصادية والمساحة المزروعة بعد محصول القمح.
شيماء الأشرم – دمشق