وسط الحديث عن تزايد أزمة اللاجئين السوريين في عدد من الدول لا سيما العربية منها، تُفتح بعض الملفات المرتبطة بالأهداف الأساسية لاستضافة هؤلاء اللاجئين والطريقة التي يتم التعامل بها مع معلوماتهم الخاصة، ومنها البيانات البيومترية (وهي البيانات المتعلقة بالسمات البيولوجية للأفراد وتستخدم للتعرف عليهم آلياً) دون الالتزام بمعايير الحماية الدولية لهذه البيانات وخصوصيتها.
ووفق تقريرٍ نشره موقع “ميدل إيست أي” البريطاني فإن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الآن واحدة من أكبر قواعد البيانات الحيوية متعددة الجنسيات في العالم، حيث تحتفظ ببيانات ملايين البالغين والأطفال فوق سن الخامسة، مشيراً إلى أن المفوضية تستخدم القياسات الحيوية لتحديد الهوية، ومقارنة الملف الشخصي للقياسات الحيوية للفرد مقابل قاعدة بيانات لمنع اللاجئين من التسجيل مرتين ومضاعفة تلقيهم للمساعدة، وبحسب التقرير البريطاني “منذ أن بدأت المفوضية في استخدام القياسات الحيوية، تغيرت معايير الموافقة الدولية وحماية البيانات”.
وفي هذا السياق، نقل “ميدل إيست أي” عن المسؤول السابق بالمفوضية كارل شتاينكر، قوله: “تم إنشاء هذه الأنظمة القديمة بافتراضات مختلفة، والخصوصية لم تكن أبداً عنصراً أساسياً في التصميم”، ومن ضمن هذه المعلومات هي البصمة ومسح قزحية العين، ووفقاً لدراسات سابقة أُجريت في الأردن فإن معظم اللاجئين السوريين غير متأكدين من الغرض من مسح قزحية العين ومن يمكنه الوصول إلى بياناتهم.
غموض في نظام حماية “البيانات البيومترية”:
أوضح الموقع البريطاني أنه حتى اليوم، إجراءات حماية البيانات الخاصة بالمفوضية مليئة بالغموض، لافتاً إلى أن “منظمة اللاجئين” أصدرت سابقاً نشرةً للاجئين تنّص على أن “البيانات البيومترية لا تتم مشاركتها مع أي طرفٍ ثالث”، فيما تنّص سياسة حماية البيانات الرسمية على أنه يجوز لها نقل البيانات الشخصية، بما في ذلك القياسات الحيوية، مع الحكومات الوطنية أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية أو بيانات القطاع الخاص أو الأفراد.
وحول رد المفوضية على هذا الغموض، أفاد “ميدل إيست يآي” بأنه حاول التواصل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن على أسئلة حول هذه الغموض في رسالة بريد إلكتروني، قائلة: “للأسف، لسنا في وضعٍ يسمح لنا بالإجابة على هذه الأسئلة لأنها تتجاوز الأردن”.
أمثلة على استخدام مثل هذه البيانات لأغراض غير أخلاقية:
وفق تقرير نشره موقع “الصليب الأحمر الدولي” فإن قدرة البيانات “البيومترية” على تحديد الهوية بسهولة ولأجلٍ طويل، تثير مخاوف جديّة على الصعيد الأخلاقي وعلى صعيد حماية البيانات.
وفي هذا السياق لفت تقرير “ميدل إيست آي” إلى تزايد الاستخدامات غير الأخلاقية للقياسات الحيوية، مشيراً إلى أنه في أفغانستان ساعدت حكومة الولايات المتحدة ووكالات الأمم المتحدة والبنك الدولي في بناء أنظمة لإجراء القياسات الحيوية على الأفغان، بزعم الاستفادة منها للعمل الإنساني للعمل، لتتمكن “حركة طالبان”، بعد استيلائها على أفغانستان الصيف الماضي من الوصول إلى البيانات البيومترية التي تركتها القوات الأمريكية، مما عرّض الأفغان للخطر، وكذلك في بنغلادش، حيث جمعت المفوضية القياسات الحيوية للاجئين الروهينجا في بنغلادش كما الذين فروا من الإبادة الجماعية في ميانمار، على الرغم من عدم الكشف عنها سابقاً للاجئين، كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشارك هذه البيانات مع بنغلادش حتى عندما تفاوضت الحكومة البنغلادشية مع ميانمار لإعادة اللاجئين إلى وطنهم.
الحكومات المضيفة للاجئين تهدف أيضاً إلى جمع “البيانات البيومترية”:
وفقاً لـ”ميدل إيست آي” فإن الحكومات والمنظمات الإنسانية بدأت في جمع كميات هائلة من المعلومات البيومترية عن اللاجئين السوريين أثناء فرارهم من الحرب، في كثير من الأحيان شرط مسبق لدخول بلد جديد وتلقي المساعدات الإنسانية، حيث ساعدت البيانات البيومترية المفوضية على تحقيق مكاسب هائلة في تسجيل اللاجئين.
أفاد الموقع البريطاني أن “تركيا جمعت بصمات الأصابع لأكثر من مليون لاجئاً سورياً، من بين أوائل الوافدين في نظام البصمة البيومترية الوطني في عام 2016 ، أصدرت تركيا قانون حماية البيانات الشخصية، الذي يستند إلى اللائحة العامة لحماية البيانات ويمنع منظمات مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من جمع البيانات البيومترية عن اللاجئين في تركيا ومعالجتها على خوادم خارجية”.
فيما زودت المفوضية السلطات في لبنان والأردن بالمعدات والتدريب على القياسات الحيوية، حيث تعمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإرضاء الحكومات المضيفة، لذا فإن الحفاظ على العلاقة الإيجابية أمراً ضرورياً.
ويعيش في الأردن نحو 676 ألف لاجئاً سورياً مسجل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فيما تقول إحصائيات حكومية إن مليونا و300 ألف سورياّ في المملكة، وفي تركيا أفاد وزير الداخلية التركية سليمان صويلو بأن عدد اللاجئين السوريين في بلاده وصل إلى 3 ملايين و629 ألف شخصاً، أما في لبنان فتؤكد التقديرات الرسمية بأن عدد اللاجئين السوريين فيها يبلغ نحو 1.5 مليون.