خاص|| أثر برس نشرت وسائل إعلام “إسرائيلية” وأمريكية تقارير متعددة حول اللقاء التي وُصف بـ “الاستثنائي” بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ورئيس الحكومة الكيان الإسرائيلي “نفتالي بينيت” في مدينة شرم الشيخ بمصر، مؤكدة أن الملف السوري كان من الملفات الحاضرة بقوة بهذا اللقاء الثلاثي، إلى جانب غيره من الملفات.
التصريحات الرسمية حول المؤتمر، أكدت أن اللقاء الثلاثي تناول التباحث بشأن تداعيات التطورات العالمية خاصة ما يتعلق بالطاقة، واستقرار الأسواق، والأمن الغذائي، فضلاً عن تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه آخر مستجدات عدد من القضايا الدولية والإقليمية، وفقاً لما أكده المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر.
فيما أكدت التقارير أن الملف السوري كان ضمن الملفات التي تم التباحث بها، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه البلاد حالة تقارب مع العديد من الدول العربية لا سيما الإمارات، وفي هذا الصدد نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية عن مسؤول مصري لم تسمّه قوله: “بالرغم من عدم ذكر ذلك في البيان، لكن الزعماء الثلاثة سيركزون في محادثاتهم على إيران وسوريا وأوكرانيا قبل الاجتماع”.
التقارير العبرية تؤكد على وجود حالة من القلق لدى “إسرائيل” من التقارب سوريا مع الدول العربية لا سيما الإمارات، دون أن تذكر أو تسمّي أي مصدر رسمي يؤكد أن المؤتمر تناول الملف السوري وزيارة الرئيس الأسد على وجه الخصوص، وفي هذا الصدد، يقول الباحث السياسي أسامة دنورة في حديث لـ “أثر”: “لا نستطيع أن نعتمد على مصادر إسرائيلية في الحديث عما جرى، خاصة إذا لم تكن هناك مصادر رسمية يمكن الرد عليها”، مضيفاً أنه: “في هذا الظرف هناك أكثر من سبب يدعو هذه الاطراف للتباحث في شؤون تتعلق بأوضاعها، وتأثيرات المواجهة الأخيرة في أوكرانيا على علاقة هذه الأطراف مع الولايات المتحدة الأمريكية أو مع روسيا أو موقفها بشكل عام من المشهد الجديد استراتيجياً واقتصادياً ودولياً”، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن “وجود تشاور بين هذه الأطراف فيما يخص الأوضاع الإقليمية هو أمر ليس مستبعداً ايضاً ونحن نعلم أن هذه الأطراف لديها علاقاتها مع اسرائيل “.
لكن في الوقت ذاته، لا يمكن سياسياً تجاهل توقيت المؤتمر الذي حدث بعد 4 أيام من زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات، الأمر الذي يثير بعض الشكوك حول الدور الإماراتي في سوريا، وتعقيباً على هذه الشكوك يقول دنورة: “عندما يكون هناك عودة عربية إلى سوريا ستكون بكل تأكيد ضمن إطار الضوابط والثوابت التي لم تتنازل عنها سوريا تحت ضغوط المقاطعة والعقوبات وفي احلك لحظات الحرب، وهذه الثوابت هي الأفق الذي يمكن التحدث حوله للعودة إلى الواقع الذي كان ما قبل عام 2011، والذي تمثل بعلاقات سورية إيجابية مع الدول العربية وفي ذات الوقت مع حلفائها الاستراتيجيين”، وخلص دنورة في حديثه إلى أنه “مثلما أن سوريا لا تسمح لأحد في التدخل بشؤونها الخارجية وعلاقاتها الإقليمية والدولية، فهي أيضاً لا تدخل بالشؤون الخارجية لأحد”.
دفء مؤقت:
صحيفة “نيويورك تايمز” أكدت في تقريرها أن الملف النووي الإيراني لم يكن مستبعداً عن الحوار بين الأطراف الثلاثة، فقالت: “إن القمة العلنية في شرم الشيخ سلطت الضوء على أن مزايا العلاقات الاقتصادية الأكبر مع إسرائيل والخوف المشترك من إيران النووية تبدو الآن أولويات فورية أكبر لبعض القادة العرب من حل سريع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني” فيما قال باحث الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمعهد الملكي للخدمات المتحدة إتش أيليير: “إن القاهرة أقل اهتماماً بالصفقة الإيرانية من الاتفاقيات الأخرى”، حيث أكد أحد المحللين “أن الدفء الثلاثي قد يكون مؤقتًا فقط، بالنظر إلى المصالح المتباينة للدول الثلاث”، وفقاً لما نقلته “نيويورك تايمز”.
محاولة لتلطيف الأجواء:
يبدو أن الأجدر بالاهتمام به في هذا اللقاء هو تزامنه مع تصاعد التوترات بين أمريكا من جهة والإمارات والسعودية من جهة أخرى بعد الحرب الأوكرانية التي أثرت بشكل كبير على أسواق الطاقة والغذاء، لا سيما وأن هذا التفصيل هو الأقرب للبيان الرسمي الذي صدر عن المؤتمر الثلاثي، الأمر الذي أكدته صحيفة “هآرتس” العبرية بتقريرها الذي قالت فيه: “تحاول إسرائيل المساعدة في تخفيف التوترات بين الولايات المتحدة ودول الخليج، والتي تفاقمت بسبب التناقض بين الإمارات والسعودية تجاه الحرب الأوكرانية”، مشيرة إلى أن “إسرائيل” مهتمة بإقناع الإمارات والسعودية بزيادة إنتاجهما النفطي لتقليل اعتماد العالم على النفط الروسي، حيث سبق أن أوضح البلدان العربيان أنهما غير مستعدين لزيادة الإنتاج.
يبدو أن الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو إعادة بلورة العلاقات والأولويات في ظل المستجدات التي تطرأ على الساحة العالمية، ووسط توقعات بتبدلات قد تطرأ على نفوذ الدول العظمى، حيث بات كل طرف يسعى إلى حماية موقعه أو إلى استغلال الواقع وتمكين نفسه أكثر.
زهراء سرحان