أثر برس

“لم، ولن تنسى أنها أنثى”.. حكاية المرأة السورية!

by Athr Press B

خاص|| بتول حسن

“حماقة الظروف”، دفعت بالمرأة السورية إلى إعادة ترتيب أولوياتها من جديد، إذ إنها سعت جاهدة إلى ملء فراغ غياب الشباب في سوريا، حيث لوحظ توجهها لشغل شواغر جديدة في الحياة الاقتصادية في مهن كانت حكراً على الرجال، بهدف تأمين مصاريف الحياة اليومية والمعيشة، ولاسيما في ظل ظروف الحرب التي تعيشها البلاد.

المرأة السورية.. أنثى ورجل في آن واحد!

عانت المرأة السورية من فقدان معيل عائلتها زوجاً أو ولداً، سواء بالهجرة أو الخطف أو الموت، الأمر الذي دفعها لممارسة دور الرجل من أجل تأمين حاجيات الحياة وتربية أطفالها، ما جعل حياتها تتغير جذرياً، لتأخذ دور الأب والأم في آن معاً.

الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن الحرب في سوريا أدت إلى فقدان التوازن بالمجتمع السوري، “فبعد أن كانت نسبة الإناث في سوريا 49% عام 2010، ارتفعت النسبة لتصل إلى 60% عام 2016″، وفقاً لما كان قد أعلنه المكتب المركزي للإحصاء، فالحرب حصدت أرواح أعداد كبيرة من الشباب.

لذا فإن الحضور الأنثوي بات لافتاً للنظر، إذ بتنا نشاهد نساء يقدن سيارات الأجرة، ومن المحتمل أن نراهن يقدن باصات النقل الداخلي، ونساء يعملن نادلات في المطاعم والمقاهي، وأُخريات يعملن بائعات للخضار أو الخبز في الطرقات، وغيرها من المهن التي توصف في مجتمعاتنا بأنها “ذكورية”.

حكايات أنثوية.. بين سطور الحرب

أم محمد امرأة في مقتبل العمر، ولديها ثلاث فتيات، توفي زوجها فقررت أن تعمل سائقة سيارة أجرة، أوضحت لشبكة “أثر” أنها تتعرض لضغوط من عائلتها ومعارفها، الأمر الذي دفعها أن تخفي عملها عن الأقارب، قائلة: “ليس لديهم الحق أن يمنعونني فأنا مضطرة لأعيش بكرامة دون أن أحتاج أحد وأقوم بتأمين لقمة العيش لبناتي وتعليمهم، لا أريد أن أحرمهم من شيء”، وتضيف بلهجتها المحلية: “كنت فوق الريح وما ناقصني شي بس بسبب الظروف خسرت بيتي وزوجي وراح كلشي، الحمدلله على كل حال.

أم كريم، فهي أم لولدين وزوجها مريض مُقعد لا يستطيع العمل، تعمل بائعة دخان وخضار في إحدى المناطق الشرقية للعاصمة، جاءت لدمشق منذ حوالي عام ونصف، هرباً من ظروف مدينتها الصعبة، تاركة كل ذكرياتها خلفها، فضلاً عن أنها لا تعرف شيء عن بقية عائلتها وأقاربها.

تقول أم كريم إنها مضطرة للعمل من أجل تأمين مصاريف الدواء لزوجها وتعليم أبناءها وتوفير لقمة العيش لأطفالها، فضلاً عن أجار الغرفة التي تسكنها، طالبة من التجار وأصحاب العقارات أن “يرأفون بحال من لا يملك مأوى، فتأمين السكن وغلاء الأجار بات مشكلة كبيرة”.

أيضاً، نور طالبة جامعية 21 عاماً، تعمل نادلة في إحدى المقاهي، تقول: “إن والدي موظف بسيط وأمي ربة منزل وعندي أخ مسافر وأخت في المدرسة، ووالدي لا يستطيع أن يتحمل جميع هذه الأعباء، الأمر الذي دفعني لمساعدته، على الأقل أن أتكفل بمصروفي”، متابعة: “أعلم أن هنالك بعض الأشخاص تنظر إليّ نظرة غير لائقة لأن عملي غير مألوف بمجتمعنا ولكنني مضطرة وأعمل بكرامتي وأتابع دراستي ولا أحتاج أحد وإن شاء الله ما بحتاج”.

رأي الشارع السوري:

اختلفت آراء الشارع السوري حول ظاهرة عمل المرأة بمهن ذكورية، فالبعض أيّد الظاهرة المذكورة والبعض الآخر رفضها.

أم أحمد، عبرت عن تأييدها لهؤلاء النساء، مؤكدة “أن هذه المهن تتطلب فتاة تمتلك شخصية قوية”.

بدورها، بينت أمل ـ فتاة جامعية ـ أنها لا تحبذ هذه الفكرة، مشيرة إلى مثل هذه المهن تُفقد الفتاة أنوثتها.

وعن رأي أحد الرجال، قال محمد: “هذه المهن تتطلب مسؤولية، ولا أُمانع من إحداث تغيير في المجتمع وتطويره، فأنا مع المساواة بين المرأة والرجل”.

 

هذه الحالات تعتبر فريدة وغير مألوفة في مجتمعنا الشرقي، لكن المرأة السورية دائماً ما أثبتت جدارتها في مختلف المجالات.

ربما تدخل المرأة السورية ميدان المهن “الذكورية”، وربما تدخل في ميادين القتال أيضاً، وربما تضطر إلى تجسيد دور الرجل المعيل الذي يشكل الأمان لعائلته، إلّا أن ملامح هؤلاء النساء، تفصحن عن سر ما، من الصعب إخفاؤه.. “لم، ولن تنسى أنها أنثى”، عبارة تلخص حالة النساء في سوريا.

اقرأ أيضاً