في تطور ملفت وبعد 13عام من آخر استهداف إسرائيلي مباشر للداخل لبناني، غيرت “إسرائيل” قواعد اللعبة مستهدفة الضاحية الجنوبية لبيروت بطائرات استطلاع انتحارية.
التطور العسكري الإسرائيلي الأخير لم يأت بشكل منفرد بل توازى مع استهداف لموقع في محيط العاصمة دمشق بعد استهداف مركز عسكري آخر يتبع للحشد الشعبي في الداخل العراقي قبل أن تقوم الطائرات الإسرائيلية باستهداف موقع عسكري تابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، قرب الحدود السورية، في ساعة مبكرة من صباح أمس الاثنين.
على الرغم من التباعد الجغرافي بين تلك الاستهدافات إلّا أن ما يجمعها هو أن كل تلك المراكز المستهدفة تعمل بشكل فعلي ضد الكيان الإسرائيلي الذي كان يعتبر العدو الأول لمعظم الدول العربية قبل التغيرات الأخيرة في مواقف العديد من الدول العربية والخليجية خصوصاً، في الوقت الذي تحافظ فيه بعض الدول العربية على موقفها العدائي للكيان الإسرائيلي.
الرئيس اللبناني ميشال عون حسم الموقف بإعلانه حق لبنان في الرد على العدوان الإسرائيلي، معتبراً ما قام به العدو إعلان حرب يوجب الرد، بمعزل عن متابعة الأمر مع الأمم المتحدة.
أهمية موقف الرئيس اللبناني ليست فقط في دعم إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جاهزية الحزب للرد العسكري على الاعتداءات التي طالت الضاحية الجنوبية، بل تكمن في كونه شكّل ردّاً واضحاً على الرسائل الغربية التي انهالت على الدولة اللبنانية خلال الساعات الـ 24 الماضية، وتضمنت تحذيرات من مغبة قيام الحزب برد عسكري.
في حين يأتي الموقف الأمريكي الذي يشير إلى حالة من التضارب مع السلوك الإسرائيلي فبعد تهرب الولايات المتحدة عن مسؤوليتها من التفجيرات التي حدثت في أحد مراكز الحشد الشعبي في العراق ومحاولة تبرئة “إسرائيل” من الحادثة، أفادت صحيفة “الأخبار” اللبنانية بأن الجانب الأمريكي حاول إقناع الحكومة اللبنانية بأن “إسرائيل لم تعمد إلى تغيير قواعد اللعبة”، شارحاً أن “الهجوم في سورية لم يكن بقصّد إيقاع إصابات بشرية في صفوف عناصر حزب الله”.
وفيما يتعلق باستهداف الطائرات المسيّرة للضاحية الجنوبية، روّج الأميركيون إلى أنه “لم تكن هناك نية للقيام بعمل هجومي، وما حصل أن طائرة مسيّرة كانت تقوم بعمل استطلاعي دوري، تعرضت لمشكلة ما، أوجبت إرسال طائرة أخرى لتفجيرها”.
السلوك الإسرائيلي الأخير وتكثيف ضرباته العسكرية في سورية والعراق والبنان يحمل في طياته حالة من الفزع الإسرائيلي جراء المجريات السياسية والعسكرية في المنطقة عموماً، على الرغم من يقين الكيان الإسرائيلي من قيام حزب الله بالرد على الاستهداف الأخير وهو ما عكسته حالة التأهب الإسرائيلية على الحدود مع لبنان بالإضافة إلى نقل منظومة “الدرع الصاروخية” إلى الجبهة الشمالية.
هل تريد “إسرائيل” أن تجر الحزب إلى الرد؟
قد تشير التطورات إلى أن التقييم الإسرائيلي لمجريات الأحداث في محيط فلسطين المحتلة بدأ يدق ناقوس الخطر لدى قيادة الاحتلال التي يبدو بأنها تريد إدخال المنطقة بحرب لاستثمار الوجود الأمريكي المترنح في سورية والذي قد ينتهي بأي لحظة كي لا تكون (إسرائيل) وحيدة أمام ما آلت إليه التطورات.
ففي الوقت الذي تسير فيه عمليات القوات السورية على قدم وساق في محافظة إدلب، تصبح فرص الوجود الأمريكي في سورية أقل كونه سيتصدر المشهد السوري، ناهيك عن أنه بطبيعة الحال غير مستقر من الداخل الأمريكي، وهو ما أكدته صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية بأن استعادة القوات السورية لمدينة “خان شيخون” وانسحاب “جبهة النصرة” والفصائل المسلحة منها يجعلها على مقربة من “الانتصار النهائي”.
كل ذلك يعني أن “إسرائيل” ستكون وحيدة أمام محور يرفض وجودها مع سورية داعمة للحركات المناهضة لوجودها كما كانت قبل الحرب السورية وأكثر ودون حماية أمريكية، ولذلك لم يبق لديها سوى اشعال المنطقة قبل نفاذ كامل أوراقها وخروج القوات الأمريكية التي تعتبرها أهم عوامل حماية أمنها في هذه المرحلة الحساسة.
رضا توتنجي