بذريعة مواجهة النشاط المتنامي لخلايا تنظيم “داعش” تواصل القوات الأمريكية تعزيز وجودها العسكري في مناطق شرق الفرات السوري، في ظل تغيرات طرأت على انتشارها في المنطقة عموماً وخصوصاً في العراق.
حيث تواصل قوات الاحتلال الأمريكي وبشكل شبه يومي إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية والتي كان آخرها يوم أمس حيث دخلت 40 آلية عبر معبر الوليد غير الشرعي في ريف اليعربية شمال شرق محافظة الحسكة قادمة من الأراضي العراقية محملة بمواد وتعزيزات عسكرية ولوجستية إضافة إلى مجموعة من سيارات الهمر، بعد أن أدخلت الأسبوع الفائت 35 شاحنة تحمل معدات عسكرية ولوجستية.
تلك التعزيزات ارتبطت بعدد من الأحداث التي تعكس النوايا الأمريكية لتمكين التواجد العسكري غير الشرعي في سورية من جديد حيث نقل “المرصد” المعارض عن مصادر كردية أن القوات الأمريكية استدعت جميع الذين كانوا يعملون معها سابقاً من عناصر “قوات سوريا الديمقراطية” ، وأكد “المرصد” أن مئات المسلحين من “قسد” التحقوا بالقواعد العسكرية الأمريكية في كلٍ من دير الزور والحسكة على وجه التحديد، حيث يتمحور دور هؤلاء حول الدعم اللوجستي، بالإضافة إلى تلقيهم تدريبات عسكرية من قبل القوات الأمريكية، وعرضت على العائدين مستحقات شهرية أكبر من تلك التي كانوا يتقاضوها سابقاً.
لكن تلك التعزيزات لا يمكن أن تتم دون إيجاد مبرر أمام الرأي العام وخصوصاً في الداخل الأمريكي وكالعادة يعود الحديث عن نشاط لخلايا تنظيم “داعش” في المنطقة دون الحديث أن أسباب وجوده، فقبل أسابيع أكدت مصادر لموقع “أثر برس”، أن العوائل التي سمح لها بمغادرة مخيم الهول نحو “باغوز فوقاني”، هي من العوائل المرتبطة بتنظيم “داعش”، كما أن “قوات سوريا الديمقراطية”، كانت قد أطلقت سراح نحو 100 من مسلحي التنظيم الذين كانت تعتقلهم في “سجن الحسكة المركزي”، في 21 من الشهر الفائت، مع السماح لهم بالعودة إلى “باغوز فوقاني”، في حين يؤكد العديد من المراقبين أن ما جرى مؤخراً في سجن الحسكة من عصيان وأعمال شغب كان للتغطية على هروب أعداد من مسلحي “داعش”.
لكن السؤال لماذا الآن تقوم الولايات المتحدة بذلك؟
يشهد التواجد الأمريكي في عموم المنطقة حالة من عدم الاستقرار فبعد قرار البرلمان العراقي بإنهاء الوجود الأمريكي في العراق وما تبعه من عدة عمليات قصف للقواعد الأمريكية تسود حالة من عدم الاستقرار هناك في ظل عدم قدرة الإدارة الأمريكية على اتخاذ خطوات جديه في العراق بظل انتشار فيروس كورونا والوضع الاقتصادي الذي يعتبر الأسوأ على الولايات المتحدة منذ أعوام وأسباب أخرى، تمنعها من شنّ أي حربٍ مستقبلية وخصوصاً إذا كانت غير محسوبة النتائج.
وفي ظل الوضع غير المستقر في العراق تشهد سورية أمراً مشابهاً في الحسكة حيث تشهد المحافظة نشاطاً روسياً عسكرياً لافتاً يهدف إلى تعزيز الوجود بتثبيت مزيد من القوات والعتاد لدعم القاعدة العسكرية الروسية بالقرب من مطار القامشلي، لتكون الثانية حجماً بعد قاعدة «حميميم»، كما دُفع بتعزيزات تضم جنوداً وآليات وأسلحة ومعدات إلى نقطة المراقبة في محطّة الأبقار في بلدة تل تمر، وسط حالة من السخط الأمريكي ترجمت بمضايقات متكرّرة، وتضييق على الدوريات الروسية، في حين تواصل روسيا استقدام تعزيزات على نحو شبه أسبوعي، في ما يعكس إصرارها على توسيع حضورها في الحسكة وأيضاً الرقة.
وعليه يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تشعر بأن نفوذها في المنطقة بدأ يتراجع بشكل فاعل في ظل مجريات العراق والمنافسة الروسية في سورية، وبعد أن انتهت كل المبررات التي كانت تستند عليها في السابق يبدو أنها تسعى الآن لإعادة إحياء “التنظيم” من جديد، وهو ما قد يترجم في المستقبل بهجمات لتنظيم “داعش” يتلوها تصريحات أمريكية بضرورة إرسال المزيد من القوات إلى سورية والعراق.