خاص || أثر برس ارتفع عدد ضحايا المركب اللبناني إلى 86 شخصاً، فيما لا تزال عمليات البحث مستمرة من قبل كوادر المديرية العامة للموانئ ومتطوعي الهلال الأحمر العربي السوري، بالتوازي مع تسليم جثامين الضحايا الذين تم التعرف عليهم إلى ذويهم أصولاً.
وقالت رئيس فرع الهلال الأحمر العربي السوري في طرطوس الدكتورة رنا مرعي لـ”أثر” إنه تم تسليم جثامين 6 سوريين إلى ذويهم، كم تم تسليم جثامين 11 شخصاً إلى الصليب الأحمر اللبناني عند معبر العريضة الحدودي، وذلك بعد تعرف ذوي الضحايا عليهم في مشفى الباسل.
من جهته، أكد مدير عام الهيئة العامة لمشفى الباسل الدكتور اسكندر عمار استمرار عمليات تسليم جثث الضحايا إلى ذويهم أصولاً، في الوقت الذي تم فيه تخريج 6 ناجين وهم بحالة صحية جيدة، كما تم نقل 5 مرضى من قسم العناية المشددة إلى القسم المختص، مبيناً أن الناجين من جنسيات سورية ولبنانية وفلسطينية وهم بحالة صحية جيدة، ومن المتوقع تخريجهم من المشفى خلال 48 ساعة.
مثال للنخوة والشهامة:
لا تزال عمليات الإنقاذ التي هب إليها أهالي جزيرة أرواد عبر زوارق الصيد ونقل الركاب، بعد أن دعت مآذن الجوامع من استطاع من الأهالي إلى إنقاذ ركاب المركب الذي غرق قبالة سواحل طرطوس، يتصدر أحاديث السوريين سواء في مجالسهم او عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ليتفق الجميع على أن أهالي جزيرة أرواد كان مثالاً لأهل النخوة والشهامة و”فخر الصناعة السورية” على حد تعبير الكثير.
مشهد يحبس الأنفاس يتعدى حدود الفاجعة المتشحة بالسواد لمنظر عشرات الجثث لأشخاص خانهم الحظ ليكونوا ضحايا جدد لمهربي البشر عبر طرق احتمالات النجاة فيها محكومة بالحظ فقط، ليصبح المشهد ملوناً وناطقاً بصيحات أهالي أرواد الذين انقسموا بين من هب مسرعاً إلى قاربه ليبحر باتجاه عرض البحر للبحث عن ناجين، وبين من سارع لتأمين المازوت من مخصصات الصيد أو مونة الشتاء، وبين من رابط على أطراف الجزيرة للمساعدة في عملية انتشال الضحايا.
على قلب رجل واحد، كان العمل الأهلي في جزيرة أرواد الذي استمر منذ ظهر الخميس وحتى الليل، حيث قاوم الصيادون والأهالي الذين استقلوا المراكب، سوء الأحوال الجوية من أمواج عالية ورياح شديدة واستمروا بمساعدة كوادر الموانئ بالبحث والإنقاذ.
“كأن من ننقذه هو أب أو أخ أو ابن لنا”، بهذه الجملة المختصرة والمعبّرة، اختصر الصياد خالد عبد الفتاح اسماعيل عبد العال، الدافع الذي كان وراء كل شخص في الجزيرة سارع إلى عرض البحر لإنقاذ الركاب الذين كانوا على متن القارب الغارق، ويضيف ل”أثر”: نحنا معتادين على التعامل مع الأحوال الجوية السيئة ولذلك لم نخف من الرياح والأمواج العالية، فقد كان همنا الأول والأخير هو إنقاذ اكبر عدد ممكن من الركاب الذين يصارعون أمواج البحر.
ولفت عبد العال إلى أن عمليات البحث والإنقاذ استمرت لساعات، وكان الأهالي يزودون القوارب بمادة المازوت من مخصصات الصيد أو من مونة فصل الشتاء، مؤكداً أن البعض قام بشراء المازوت بالسعر الحر لاستخدامه في عمليات الإنقاذ.
تفاصيل غرق القارب، يرويها رئيس جمعية نقل الركاب في جزيرة أرواد خالد كاخية، الذي شارك في عمليات الإنقاذ، وأخبره بها ناجون حملهم على قاربه إلى شاطئ طرطوس حيث كانت سيارات الإسعاف تنتظر لإسعاف الناجين إلى مشفى الباسل، إذ يقول لـ”أثر”: أخبرنا ناجون أنقذناهم من الغرق أنهم كانوا نحو 160 شخصاً من سوريا ولبنان وفلسطين، خرجوا من لبنان الثلاثاء الماضي على متن قارب وكانت وجهتهم إيطاليا، وبعد إبحار القارب بساعتين حدث عطل في المحرك حيث كان يتعطل قليلاً ثم يعمل، الأمر الذي أثار خوف بعض الركاب الذين طلبوا من سائق القارب العودة إلى لبنان، إلا أنه رفض وطمأنهم بأن الأمور ستكون على ما يرام.
ويتابع كاخية، نقلاً عن ناجين: بعد مضي أربع ساعات، توقف المحرك عن العمل بالكامل، وبات القارب في عرض البحر تتلاعب فيه الأمواج العالية، ما أثار ذعر الركاب، خاصة بعد أن جاء زورق وأخذ سائق القارب وتركهم في القارب المعطل بعرض البحر، واستطرد بالشرح: تصاعد خوف الركاب خاصة أن بينهم نساء وأطفال ما جعل معظمهم يقفون على طرف واحد للقارب ما أدى إلى انقلابه في البحر مع ارتفاع الأمواج.
وبيّن خاكية أن القارب اللبناني اذي كان يقل الركاب البالغ عددهم 160 شخصاً لا يحمل أكثر من 50-60 شخصاً.
وأوضح خاكية أن العثور على جثة طفل ظهر الخميس بين القوارب الراسية في ميناء جزيرة أرواد، قرع جرس الإنذار لوجود ضحايا غارقين في عرض البحر، ما ادى الى استنفار كوادر الموانئ وأهالي الجزيرة الذين لم يوفروا أي وسيلة للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ، مشيراً إلى مشاركة 30 زورقاً من جزيرة أرواد، على متن كل منها 10 أشخاص من أهالي الجزيرة، الذين لديهم خبرة في البحر ويستطيعون النزول إليه والتعامل مع الأمواج العالية خلال عمليات الإنقاذ.
صفاء علي – طرطوس