66
خاص || أثر برس لن ينتظر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منتصف أيلول القادم، موعد المحادثات الثلاثية التي ستُعقد في روسيا بين أطراف “آستانة” الثلاثة الضامنة للبحث حول الأزمة السورية، وتطورات الأحداث في إدلب، ولم يكتفِ بالاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقب حصار القوات السورية للجنود الأتراك في نقطة المراقبة التاسعة في مورك في ريف حماه الشمالي، أكبر النقاط التركية في الشمال السوري، والتي تمتد على مساحة 1 كم2، فالصّدمة التي تلقاها بعد استعادة القوات السورية السيطرة على مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، وقرى ريف حماه الشمالي سوف يحملها معه الثلاثاء القادم إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ثمّة مؤشرات واضحة وصلت لأردوغان، وثبّتها موقف الدولة السورية ومجريات الأحداث وتطوّراتها على السّاحة الميدانية عبر رسائل متعددة:
أولاً: الرد السوري على الاتّفاق التركي – الأمريكي حول إنشاء “المنطقة الآمنة” في شمال شرق سورية كان عسكريّاً مفاجئاً، وبتكتيكٍ عالٍ أثبت قدرة القوات السورية على تطبيق التفاهمات التي تجريها روسيا بصفتها الدولة الحليفة، بالقوّة، ورغم تلاعب الدور التركي بعدم الإيفاء بالتزاماته، فتمت استعادة السيطرة على مدينة خان شيخون، وريف حماه الشمالي بالكامل.
ثانياً: أن الدولة السورية لن تسمح باستمرار الوجود التركي على أراضيها، وهذا القرار غير قابل للنفاذ، وإن قبلت وجود نقاط المراقبة تنفيذاً لتفاهمات آستانة وسوتشي، ريثما تنتهي إجراءات التطبيق، والأمر ينسحب بطبيعة الحال على عفرين وإعزاز والباب وجرابلس.
ثالثاً: استهداف الطيران الحربي السوري للفصائل المسلحة المرافقة للرتل العسكري التركي المؤلف من 24 ناقلة ومدرعة وشاحنة، والذي كان يحمل ذخيرة ووقود إلى الفصائل المسلحة في “جبهة النصرة” التي انهارت مع تقدم القوات السورية، وفي ذلك رسالة إلى أنقرة بأن دعمها للفصائل المسلحة مكشوف، وإشارة مفادها بأنه كان بالإمكان إبادة الرتل بشكل كامل، وأن الدولة السورية لن تسمح لتركيا بالوقوف في وجه تقدم قواتها، وبذلك حتمية استعادة السيطرة على كافة المناطق السورية.
رابعاً: استهداف القوات السورية بعد سيطرتها على خان شيخون لمحيط نقطة المراقبة التركية السادسة في قرية الصرمان التابعة لمدينة معرة النعمان، وذلك يوحي بأن القوات السورية لن تتوقف في عملياتها العسكرية عند حدود خان شيخون، وأن محرّك السيطرة على الطريق الدولي دمشق- حلب المعروف بـ M5، يوجه بوصلة القوات السورية نحو السيطرة على مدينتي معرة النعمان وسراقب.
خامساً: وهو مبني على النقطة الرابعة، حيث أن البيان الرسمي الصادر عن القوات السورية بخصوص استعادة السيطرة على بلدة خان شيخون، وريف حماه الشمالي، لم يتطرق إلى ذكر نقطة المراقبة التركية التاسعة في مورك، بما معناه أن كلّ النقاط التركية الممتدة حتى مدينة إدلب لن تشكل حجر عثرة أمام القوات السورية المتقدمة.
يقابل أردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويعلم أن التصريحات السياسية الروسية التي دعمت تقدم القوات السورية ليست بأقل تأثير من المفعول العسكري الذي نتج عنه تغيير الخارطة الميدانية بأيّام معدودة.
إن تصفية متزعم منظمة تاكتيكال الملاحم أو “بلاك ووتر- الجهاد” المدعو أبو سلمان البيلاروسي، أحد أبرز أدوات الاستخبارات التركية، وأسر عدد كبير من مساعديه من جنسيات مختلفة، إضافة إلى حصار القوات السورية للنقطة التاسعة في مورك، على الرغم من نفي وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو لحصارها إعلاميّاً لحفظ ماء الوجه التركي هي أبرز ما قد يبحثه أردوغان مع الرئيس الروسي.
تحمل المرحلة القادمة من التعقيدات ما يجعلها صراعاً سوف يقابله رجب طيب أردوغان بمحاولته منع تقدم القوات السورية، ولابد أنه في المحادثات التي سيجريها مع الرئيس الأمريكي ينتظر دعماً قد يطول، فدونالد ترامب يشبه أردوغان في تخبطاته، مع اختلاف الأماكن. الصّين أفقدته صوابه.
علي أصفهاني