لم يقدم البيان الختامي الذي صدر عن قمة طهران التي عُقدت في التاسع عشر من تموز الجاري، نقاطاً جديدة عن القمم السابقة، إلا أن التحليلات تتوجه إلى التصريحات التي صدرت على هامش القمة والتسريبات المنقولة حولها، إلى جانب الحديث عن الظروف التي عُقدت فيها.
بصورة عامة لفتت صحيفة “كيهان” الإيرانية، إلى أن القمة عُقدت بتوقيت ذكي، حيث قالت: “التخطيط لزيارة بوتين إلى طهران، وبالتزامن زيارة أردوغان، بعد جولة بايدن على المنطقة، هو إجراء ذكي يمكن أن يُلقي بظلاله على جميع المكاسب السياسية والإعلامية والنفسية لجولة بايدن ويُحبطها، ويجعل المناخ السائد في المنطقة يركّز على القضايا والمتطلّبات الحقيقية والتقارب الإقليمي”.
فيما نشرت صحيفة “وطن امروز” الإيرانية على غلافها صورة المصافحة بين المرشد السيد علي خامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكتبت في عنوانها العريض: “المصافحة الاستراتيجية”، معتبرة أن “أهمّ العوامل التي تعطي زخماً للعلاقات الاستراتيجية بين الدولتَين هي: 1- التوجّه المشترك تجاه النظام الدولي البديل، 2- مواجهة السياسات العدائية لأمريكا، 3- التعاون الاستراتيجي الإقليمي، 4- التعاون الاستراتيجي الثنائي. 5- تحييد العقوبات الغربية”.
وباعتبار أن من أبرز الملفات التي ناقشتها القمة هي العملية التركية شمالي سوريا، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال في مؤتمر صحفي عقده بعد القمة، أن العملية العسكرية لا تزال ضمن أجندته إلى حين تتم معالجة مخاوف بلاده الأمنية، فيما أكدت التحليلات إلى أن أردوغان، لم يحصل على الضوء الأخضر للشروع بالعملية، حيث نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية: “يبدو أن قمّة طهران الثُلاثية أتاحت وقتاً إضافياً لروسيا لتطبيق بنود اتفاق سوتشي، وإقناع القوى الكردية بضرورة الانسحاب الكامل من الشريط الحدودي بعمق 30 كلم، وعودة السيادة الكاملة للجيش السوري إلى هذه المنطقة”.
وكذلك أكدت صحيفة “الشرق الأوسط” أن “أردوغان لم يحصل على ضوء أخضر لعمليته العسكرية في الشمال السوري، فطالب زميليه بترجمة الأقوال الجميلة التي تؤكد تفهم المصالح الأمنية التركية إلى أفعال، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقر بوجود بعض الخلافات التي لا تعرقل تعزيز التعاون والتنسيق”، مضيفةً أن “المكسب الأساسي بالنسبة إلى الكرملين هو تأكيد مكانة ودور محور أستانة، ورغم أن بوتين لا يمتلك كثيراً من أدوات الضغط لحمل أردوغان على التراجع نهائياً عن فكرة العملية العسكرية، لكن نجح مع الضغط الإيراني في جعل مهمة الرئيس التركي أكثر صعوبة”.
وحول اعتراف الجانبين الروسي والإيراني بالمخاوف الأمنية التركية، لفتت صحيفة “الغارديان” البريطانية إلى أنه “يبدو أن روسيا تعمل مع الحكومة السورية لإنشاء وجود عسكري سوري في المنطقة الحدودية بدعم ضمني من وحدات حماية الشعب”، مشيرة في مقال آخر إلى أن “تهديدات تركيا بشن عملية عسكرية في سوريا لدرء حزب العمال الكردستاني وحلفائه عن الحدود، قوبلت بتوبيخ شديد من خامنئي قبل بدء قمة طهران”.
تعمد المسؤولون الروس والإيرانيون إلى التأكيد عبر تصريحاتهم، إلى أهمية هذه القمة وأنها مؤشر إلى رسم شكل جديد للتحالف بين الدول المشاركة، لا سيما إيران وروسيا، وسط الحديث عن تطورات إقليمية ودولية قد تغير موازين القوى في العالم، أما بخصوص الملف السوري فإن هذه التطورات ستؤثر على مستقبل الملف السوري.