خاص أثر|| أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 19 كانون الأول الفائت عن قرار الانسحاب الأمريكي من سورية، وشكل هذا القرار مفاجئة للأكراد وسط ترحيب تركي به، وبعد عدة شهور طرأت متغيرات عديدة على مشهد مناطق الشمال وشرق الفرات السوري.
وبعد فترة من الإعلان عن قرار الانسحاب لم تظهر أي خطوات جدية لتطبيق هذا القرار، وترافق هذا مع طرح واشنطن لمشروع “المنطقة الآمنة” المتمثل بتشكيل قوة على الشريط الحدودي بين سورية وتركيا، بذريعة منع حدوث اشتباكات بين الأكراد والأتراك، وكان هذا المشروع بمثابةبوابة خلقتها أمريكا لتبرير وجود جديد لها في مناطق شمال شرق سورية، فتنتقل القوات الأمريكية من داخل أراضي شرق الفرات إلى محيطها، بعدما ضمنت وجود حليف لها داخل المنطقةوهو “قوات سوريا الديمقراطية” تستطيع تحريكه مثلما شاءت.
خيوط اللعبة الأمريكية هذه كانت مكشوفة للدولة السورية، حيث أكد مندوب سورية الدائم بشار الجعفري، خلال لقاء أجراه مسبقاً مع قناة “الميادين” أنه لا انسحاب أمريكي من سورية وما يجري هو مجرد إعادة تموضع.
وبعد مرور بضعة أشهر أعلنت القوات الأمريكية أنها ستبقي على عدد من جنودها شمالي سورية لإدارة “المنطقة الآمنة”، أما حول الخلاف الكردي-التركي، فبدأت تنكشف حقائق تؤكد أن هذا الخلاف الذي بذريعته طُرح مشروع “المنطقة الآمنة” هو تحت السيطرة الأمريكية، حيث نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية عن مصادر ديبلوماسية أمريكية أنه عُقد اجتماع وبإشراف أمريكي بين قادة أكراد ومسؤولين أتراك، بهدف تقريب وجهات النظر بين الطرفين، ووصرح عدة مسؤولين أكراد علناً أنهم مستعدون للحوار مع الأتراك، ما يشير إلىالخلاف التركي-الكردي هو بمثابة ورقة بيد واشنطن تظهرها متى شاءت لخدمة مصالحها، وأن واشنطن لا تريد التخلي عما حققته في أراضي الشمال السورية وكذلك في المنطقة الشرقية.
وبهذا غاب الحديث عن أي انسحاب أمريكي من سورية، كما انتهى الحديث عن مستجدات مشروع “المنطقة الآمنة” لكن النتيجة كانت وجود عسكري أمريكي جديد في الشمال السوري، والسيطرة علناً على الخلاف الكردي-التركي هذا بما يتعلق في محيط المنطقة الشرقية والشمال السوري.
وفي هذا السياق شهدت مناطق شرق الفرات السورية زيارات لوفود أجنبية وخليجية برفقة مستشارين أمريكيين والتقوا بقادة من “قسد” دون الإفصاح عن نتائج هذه الاجتماعات، ما يشير إلى مرحلة جديدة تسعى الإدارة الأمريكية إلى العمل عليها في مناطق وجود قواتها.
يبدو أن مشروع “المنطقة الآمنة” كان مجرد مرحلة جديدة بدأتها واشنطن لتواجدها الغير شرعي في سورية، لتحافظ على علاقتها مع حلفاءها الأكراد والأتراك، حيث طرحت هذا المشروع في ظل العديد من متغيرات طرأت وهددت وجودها في سورية وكذلك هددت علاقتها بحلفاءها الذين تستخدمهم كأداة لتحقق مصالحها، لكن يبقى السؤال هو هل ستتمكن واشنطن من الحفاظ على وجودها داخل المنطقة الشرقية في ظل رفض المدنيين للوجود الأمريكي والكردي بسبب الانتهاكات المستمرة التي يمارسونها بحقهم؟، لا سيما وأن الدولة السورية تشدد باستمرار على ضرورة خروج القوات الأجنبية غير الشرعية إضافة إلى أنها أكدت مسبقاً أنها ستتعامل مع “الوحدات الكردية” بالطريقة ذاتها التي ستتعامل فيها مع أمريكا إن أصرت على تحالفها معها، وهل سيتمكن ترامب من الإبقاء على جنوده في سورية في ظل رفض العديد من الدول الأوربية ارسال قواتها إلى سورية إلى جانب القوات الأمريكية؟
زهراء سرحان