تناقلت عدة وسائل إعلام سورية رسمية وغير رسمية، ودولية، ما تم التصريح عنه بخصوص قمة طهران التي عقدت في الأسابيع الفائتة، وما نصت عليه مخرجات القمة من عبارات روتينية كمحاربة تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” وفصل التنظيمات “الإرهابية” عن الفصائل المعتدلة بالإضافة إلى المحافظة على وحدة الأراضي السورية وغيرها من العبارات التي تخفي خلفها اتفاقات لم يتم إكمالها.
عبارات الرئيس التركي خلال القمة عكست بنوع أو بآخر أن الأمور لا تسير بما يروق للجانب التركي، الذي يريد إحياء الخلافة العثمانية والتوسع ضمن الأراضي السورية بذريعة حماية المدنيين في الشمال السوري ومحاربة “الإرهاب” المتجسد بالفصائل الكردية، فعلى ماذا تم الاتفاق؟
تسريبات جاءت من أروقة تلك القمة الثلاثية بعيداً عن كاميرات الإعلام، أكدت بعض ماتم التوصل إليه بغض النظر عن الموافقة التركية:
أولاً: انسحاب فصائل المعارضة و”جبهة النصرة” من شمال حماة وغرب حلب إلى شمال إدلب باتجاه الشريط الحدودي مع تركيا.
ثانياً: انسحاب المعارضة المسلحة الموالية لتركيا أي “درع الفرات”، إلى منطقة الباب وجرابلس، وعودة عفرين إلى سلطة الدولة السورية بإشراف روسي، وإنهاء الوجود المسلح الكردي فيها.
ثالثاً: إبقاء القرى التركمانية المحاذية لحدود تركيا تحت إشراف روسي – تركي.
ينفذ كل ماسبق بطرق وتكتيكات غير مباشرة وغير معلنة خصوصاً من الجانب التركي، بسبب الخلافات التركية-السعودية بسبب وجود “جيش الاسلام” المدعوم سعودياً في منطقة جرابلس، وبسبب الموقف التركي الداعم لجميع الفصائل المنتشرة في مناطق الشمال السوري، بدءاً من ريف حماة الشمالي مروراً بإدلب ووصولاً إلى عفرين وريف حلب الشمالي.
تلك البنود التي لم يتم تداولها على وسائل الإعلام والتي تمس عمق المصلحة التركية، وخصوصاً في البند الذي يتحدث عن تسليم مدينة عفرين للدولة السورية، هو مادفع الأتراك لرفع الصوت والحديث عن “العامل الإنساني”، ووصل إلى حد كتابة أردوغان لمقال في صحيفة “وول ستريت” للتأثير أكثر على الرأي العام الأوروبي بشأن العملية، وطلب الرئيس التركي عقد مقابلة مع الرئيس الروسي يوم غد الإثنين لإعادة النظر بالاتفاق.
إذ يرى مراقبون بأنه لا مشكلة لدى أردوغان بتسليم مدينة إدلب وريفها الجنوبي وريف حماة الشمالي، مقابل الحفاظ على مدينة عفرين التي ترى فيها تركيا امتداداً استراتيجياً لها في سوريا، وتحاول فعل كل ما بوسعها لمنع عودة سكانها الأصلين من الأكراد إليها، وإن كان ذلك على حساب مدينة إدلب وريفها الجنوبي كونها باتت على يقين بأنه سيعود إلى سيطرة القوات السورية لقربه من قاعدة “حميميم” الروسية التي تعرضت لعدة هجمات من تلك المنطقة، ومن المتوقع أن يكون هذا الموضوع هو مطلب أردوغان خلال لقاءه يوم غد مع بوتين.
تركيا باتت في الحلف الروسي-الإيراني الذي تجمعها به علاقات اقتصادية عميقة خصوصاً في ظل الحرب الاقتصادية التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عليها، فهل ستخضع لتلك البنود مقابل الحفاظ على علاقتها بالدولتين اللتين تربطها بهما تحالفات تمكنها من الوقوف في وجه العاصفة الأمريكية؟ أم أنها ستتجه إلى الجانب الأوربي-الأمريكي للحفاظ على مشروعها العثماني في سوريا؟