“ربما الحياة خانقة لكن هل الهروب منها يشكل حل وماذا عمن نتركهم متألمين ورائنا” بهذه الكلمات أنهى الشاب “حسين شمص” صاحب 18 ربيعاً حياته منتحراً، فيما غصت صفحته الشخصية بالفيسبوك، بمنشورات أصدقائه الذين أعربوا عن حزنهم ومفاجأتهم للخبر.
حسين، لبناني الجنسية من سكان مدينة “دمشق”، كان صاحب موهبة في الرسم والتصوير، كما يبدو واضحاً من صفحته الشخصية، ووصفه كثر من أصدقائه بأنه مبدع وفنان، محملين الظروف في البلد مسؤولية اتخاذ “حسين” لقرار انتحاره، وتنفيذه يوم أمس الأربعاء.
لكن أحد أقاربه نفى لـ”أثر” بأن تكون الأوضاع السائدة في البلاد هي السبب الرئيسي في انتحار الشاب مشيراً إلى أن عائلة الشاب ميسورة الحال إلى حد جيد، ويعود سبب انتحاره إلى الحالة التي كان غارق فيها وتظهر بشكل جلي من خلال الصور التي كان ينشرها على صفحته الخاصة على موقع “فيسبوك”.
رسالة انتحار تم تداولها، على أن “حسين” هو من كتبها، يقول فيها إنه لا أحد كان يستطيع مساعدته، وعليهم ألا يلوموا أنفسهم، لأنه هو ذاته لم يكن قادراً على مساعدة نفسه، موصياً إياهم الاهتمام بـ”حلا” التي يبدو أنها شقيقته.
آخر منشورات الشاب الراحل كان بتاريخ الـ 2 من آذار الجاري، ضمنه لوحة من أعماله حملت اسم “ضوضاء تحت القبر”.
ويرى خبراء علم النفس أن كتمان المشاعر أهم العوامل التي تزيد مخاطر الانتحار، فإن الرجال ينزعون إلى كتمانها. وقد يعزى ذلك إلى أن الكثير من المجتمعات تحث الذكور على التحلي بالشدة وقوة التحمل وعدم الإفصاح عن معاناتهم.
وكثيراً ما يبدأ الأمر منذ الطفولة، إذ يقول كولمان أودريسكول، المدير التنفيذي السابق بمؤسسة “لايفلاين” الخيرية لمكافحة الانتحار بأستراليا: “اعتدنا أن نقول لأولادنا ‘الصبي لا يبكي’، وبهذا نحن نربيهم من الصغر على كتمان مشاعرهم لأن البوح بها دليل على الضعف”.
وتنبه مارا غروناو، المديرة التنفيذية بمركز الحماية من الانتحار في كندا، إلى أهمية الطريقة التي نتحدث بها إلى أطفالنا وكيف نشجعهم على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، وتقول: “تتحدث الأمهات مع بناتهن أكثر مما يتحدثن مع أبنائهن الذكور بمراحل، ولا سيما عن المشاعر والأحاسيس. فنحن نكاد نتوقع مسبقاً أن النساء مرهفات الحس”.
وتشهد سوريا خلال السنوات الأخيرة زيادة في معدلات الانتحار، حيث أقدم شاب يوم أمس على حرق نفسه في قرية العاكولة غرب بلدة تل حميس ٣ كم شمالي الحسكة حيث أصيب بحروق شديدة تم نقله على أثرها إلى المستشفى الوطني في مدينة القامشلي لتلقي العلاج الضروري.