خاص|| أثر برس أخذت الدراما السورية هذا الموسم الرمضاني ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام العربية والأجنبية، التي ناقشت تفاصيل الأعمال التي قُدمت في هذا الموسم من الناحية الفنية والإنتاجية وحتى السياسية، نتيجة عرض بعضها لأول مرة منذ 10 سنوات على قنوات خليجية وعلى رأسهم “ذروة الإمبراطورية الإعلامية mbc”.
وضمن هذه الضجة الإعلامية أُطلقت العديد من العناوين على الدراما السورية مثل “الدراما السورية في طريقها لاستعادة مكانتها وعودة ازدهار الدراما السورية… إلخ”، إلّا أن الصحافي السوري والمهتم بالشأن الفني وسام كنعان، أكد خلال حديث مع “أثر برس” أن هذه عناوين براقة وليس لها أي وجود فعلي على أرض الواقع، مشيراً إلى أن معدلات الإنتاج هذا العام في أدنى مستويات، حيث قال: “لم ننتج هذا العام سوى 5 أو6 أعمال، وعند الحديث على مستوى الصناعة يجب أن يكون هناك كم كبير من الأعمال التي تشغّل قطاعاً كبيراً من اليد العاملة وتستطيع أن تُحقق دخلاً جيداً وتحرك النشاط الاقتصادي بما يخص الدراما”.
وعن الأسباب التي كان لها دور في تراجع الدراما خلال السنوات العشرة الأخيرة، أكد كنعان أن الحرب تسببت بحالة انقسام كبيرة، والبعض لجأ إلى النأي بالنفس، إلى جانب العمل على إقصاء مجموعة كبيرة من الأسماء، بالإضافة إلى التراجع الاقتصادي الكبير وعدم وجود أي جهة يمكن أن تغامر بأموالها في سوريا في ظل الحرب، مشيراً إلى أنه لا يمكننا القول أن الدراما عادت إلى ازدهارها، إلا عندما تعود سوريا إلى وضعها الطبيعي وهذا يحتاج إلى سنوات طويلة.
لكن عند الحديث عن الدراما السورية هذا العام، يمكننا أن نرصد العديد من التقارير في وسائل الإعلام العربية والأجنبية التي تحدثت عن مؤشرات عرض بعض القنوات الخليجية لا سيما mbc لأعمال سورية بعد 10 سنوات من القطيعة، حيث لفت تقرير نشرته وكالة “AFP” إلى أن هذه الخطوة دليل على تقارب السعودية الناعم من سوريا، وكذلك أشارت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية إلى أن هذا إشارة لفك حصار جزئي عن المسلسل السوري، مضيفة أن القائمين على الدراما السورية يراهنون اليوم بآفاق جديدة لتسويق أعمالهم والعودة بقوة للجمهور العربي الواسع، مما سيتيح توطين رأسمال وطني يسهم في نهضة الدراما السورية وتخليصها من سلطة بعض شركات تجارية وإعادتها كصناعة مرموقة إلى واجهة الإنتاج الدرامي العربي.
وحول تأثير هذه العودة إلى القنوات والمنصات الخليجية، على الأعمال السورية يؤكد كنعان على أن الدراما في سوريا محتاجة بشكل كبير إلى السوق الخليجية لتسويق أعمالها، مشيراً إلى أن “الدراما السورية افتقدت لمقومات أن تكون صناعة بسبب عدم وجود رأس مال وطني داعم لهذه الصناعة ولم يكن لديها سوق عرض يغنيها عن سوق المحطات الخليجية خلافاً للدراما المصرية التي تملك سوق عرض واسع بمعنى أن المسلسل المصري يُنجز ويباع للمحطات المصرية ويحقق دورة رأس المال المطلوبة، ومن ثم يذهب للخليج فيفرض شروطه عليه بالصيغة التي يريدها كونه يُباع بالمحطات الداخلية ولا يحتاج للمحطات الخارجية إلا لزيادة الربح، فمشكلة الدراما السورية أنها لا تملك سوق عرض ولم تستطع أن تملك سوق عرض حتى عندما تغيرت قوانين الصناعة وقوانين العرض الرقمي عبر المنصات، فحتى هذه اللحظة لم يكن لدينا أي منصات خاصة مثل شاهد وغيرها”، مؤكداً أنه لا يمكن للدراما السورية أن تتخلى عن سوق العرض الخليجي على وجه الخصوص لأنه الأكثر دفعاً.
إلى جانب مسألة عرض المنتجات السورية في السوق الخليجية، أثار بعض النقاد والمتابعون الجدل حول المواضيع التي تناولتها بعض المسلسلات السورية المرتبطة بملفات الفساد، متسائلين عن سبب إعطاء مساحة للدراما السورية بتجاوز بعض الخطوط الحمراء في عرض الأفكار، حيث قال كنعان في هذا الصدد: “تاريخياً ما حصل مع الدراما السورية من رفع سقف وتجاوز الخطوط الحمراء له علاقة بمرحلة توهجت بها الدراما السورية، فصدرت قرارات تدعم هذه الدراما السورية وكان واضحاً أنها ستساعد على تصدير البلاد على المستوى السياحي وتنشيط الحركة الاقتصادية وتصدّر نجوم فكانت القرارات في السلطات السورية لدعم هذه الصناعة، وتم تبنيها وتبني نجومها وتمهيد الأرض أمامهم ومساعدتهم ومساندتهم لكل ما يستطيع أن ينجزوه على أنه صناعة، ونجاح بعض الأعمال ساهمت في أن السلطة في سوريا تدعم هذه الأعمال وتترك لها الفرص كي تقتحم الخطوط الحمراء، بالإضافة إلى أن براعة بعض الكتاب في الاحتيال على الرقيب”، مشيراً إلى أنه “في الدراما تستطيع أن تكتب شيئاً بين السطور تظهره أكثر عندما تحوّل هذه السطور إلى صورة مرئية وتستطيع أن تمرر الأفكار التي تريدها بذكاء وتصور ما تريد أن تقوله بين السطور لأن الفن قائم على الدلالة والرمز أكثر أما بالإعلام فعليك أن تكون مباشراً أكثر”.
يبدو أن الدراما السورية كانت من أحد القطاعات التي ظهرت عليها آثار التقارب العربي مع دمشق، بشكل واضح لكن يبدو أيضاً أن هذا التأثير لم يكن كافياً للعودة إلى المستوى الذي كانت عليه الصناعة الفنية السورية قبل الحرب.
زهراء سرحان