خاص|| أثر برس شهدت منازل عدة من سكان أحياء العاصمة دمشق “تحسناً” بسيطاً في التغذية الكهربائية خلال الأيام الثلاثة الماضية، بالتزامن مع العطلة التي أعلنت عنها الحكومة منذ أيام والمستمرة إلى نهاية يوم الأحد المقبل وكذلك عيد الميلاد، حيث ارتفعت ساعات التغذية في العديد من مناطق العاصمة بشكل بسيط على الرغم من عدم استقرار ساعات وصل التيار الكهربائي خلالها.
إفادات السكان المحليين
رصد فريق “أثر برس” واقع التغذية الكهربائية في اليومين الماضيين، وتبيّن وجود شيء من التحسّن في ساعات الوصل خلال اليوم الواحد، إذ ارتفعت ساعات الوصل في منطقة المزة وفق السكان المحليين، لتبلغ في اليوم الواحد نحو 8 ساعات متفرقة 2 وصل مقابل 4 قطع بعد أن كانت 3 ساعات قبل العطلة، كما شهدت مناطق أخرى كالميدان والأحياء التابعة لها زيادة في ساعات الوصل اليومي إلى حدود 4 ساعات تقريباً بعد أنّ كانت ساعة ونصف يومياً خلال فترة ما قبل العطلة.
أمّا في منطقة الشعلان وسط العاصمة، هي أيضاً شهدت تحسناً في ساعات الوصل وغالباً ما كان التحسن ليلي منذ ثلاثة أيام، حيث روى الأهالي أنّ المنطقة ازدادت فيها ساعات الوصل خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى 6 ساعات يومياً منها ساعة خلال النهار و5 ساعات ليلاً.
وفي سياق الحديث عن واقع التغذية، اشتكى أهالي حي الشعلان عبر” أثر” من مسألة انقطاع إنارة شوارع (حبوبي1، وحبوبي2، وحبوبي3) في الحي ليلاً منذ أكثر من ستة أشهر، مبينين أنهم اشتكوا أكثر من مرة وحتى نقل شكواهم أعضاء مجلس محافظة ولم يتم إيصالها، وأرجع بعض أهالي الحي المذكور، سبب قطع الإنارة عن الشوارع المذكورة بتقديرهم لكونها موصولة مع منطقة أبو رمانة ومنطقة أبو رمانة تصلها الكهرباء 3 ساعات وصل مقابل 3 قطع بانتظام، بحسب قولهم، وبرأيهم إبقاء الشوارع منارة في الحي يذكرهم دائماً بأنّ منطقة أبو رمانة ينعمون بالكهرباء وهم (لا حول لهم ولا قوة).
أمّا بالنسبة لمناطق ريف دمشق، بقيت منطقة التل (شمال العاصمة 10 كم) محافظة على أسوء تقنين تمر به المدينة، إذ بيّن أحد السكان المحليين لـ ”أثر” أنّ التغذية الكهربائية في المدينة لم تشهد أي تحسن أبداً ولا تزال نصف ساعة خلال 48 ساعة وأحياناً تأتي خلال اليوم نصف ساعة ترددي (أي يحدث خلال الوصل انقطاعات متكررة)، لافتين إلى أنّ رحلة ثيابهم في الغسالة الأوتوماتيك قد تطول إلى ثلاثة أو أربعة أيام ليتم استكمال الدورة الزمنية اللازمة لإخراجها!.
أمّا في الريف الشمالي الغربي، في منطقة بلودان (تبعد عن دمشق 50 كم)، روى الأهالي أنه خلال اليومين الماضيين لم تصلهم الكهرباء أبداً، مشيرين إلى وصولها ساعة ونصف اليوم فقط، وهذا ينطبق أيضاً على مناطق أخرى عديدة قريبة منهم كـ “سرغايا والهامة” والقرى التابعة لها.
لا تحسن في الإنتاج اليومي ولكن السبب هو (العطلة)
عند البحث عن أسباب التحسّن المذكور والذي دفع باتجاه تفسيره لعلّه أنّ يكون هناك زيادة فعلية في إنتاجية الكهرباء على مستوى البلاد بعد الأزمة الخانقة التي تعرّض لها قطاع الطاقة في سوريا خلال الفترة الماضية، أرجعت مصادر مطّلعة في وزارة الكهرباء لـ ”أثر” أسباب التحسن الذي لُحظ في بعض المناطق “يعود إلى العطلة بالدرجة الأولى ما خفض استهلاك جيد ذهب للمنازل”.
وعند السؤال ما إن كان هناك زيادة في الإنتاجية؟، بيّنت المصادر أنّ “إنتاج الكهرباء ثابت على ما هو عليه ولم يحدث أيّ تغيير وذلك لعدم وصول كميات إضافية لمحطات التوليد عمّا كانت تحصل عليه مسبقاً من وزارة النفط، على الرغم من أنّ الوزارة لديها إمكانية فنية جيدة قادرة على مضاعفة الإنتاج الحالي لو توفرت المشتقات النفطية اللازمة للتوليد”.
وقالت المصادر: “لو أنّ الغاز المنزلي متوفر للمواطنين وهناك مازوت للتدفئة، لكانت الوزارة أمنت تغذية بساعات تقنين منتظمة 2 وصل مقابل 4 قطع لجميع المناطق”.
وفي وقتٍ سابق، أكّد مصادر أخرى في الوزارة أنّ “محطات توليد الطاقة قادرة على إنتاج 4 آلاف ميغا حالياً إضافية لو أن هناك حوامل طاقة كافية، وهذا أمر ليس مخبأ وصرحت أنّ النقص حاصل نتيجة تأخر التوريدات من الخارج بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية على سوريا”، لافتةً إلى أنّ “المنظومة الكهربائية في سورية تعمل بنسبة 60% على الغاز الطبيعي و40% على الفيول”.
مراجعة سريعة
انخفضت كميات إنتاج الكهرباء خلال الفترة 2010- 2021 بشكلٍ كبير، وبحسب دراسة أعّدها الباحث قصي المحمد -طالب دكتوراه علوم سياسية-، “كان إنتاج البلاد عام 2011 نحو 49 مليار كيلو واط ساعي، ثم انخفض إلى 24 مليار كيلو واط ساعي عام 2021، علماً أنّ أدنى قيمة كانت عام 2016 حيث وصلت حينها إنتاجية مجموعات التوليد إلى نحو 17.60 مليار كيلو واط ساعي بفعل استمرار الأزمة وزيادة الاعتداءات الإرهابية على محطات التوليد وخطوط النقل ذات التوتر العالي ومحطات التحويل ومراكز التحويل… وغيرها.
وبيّنت الدراسة أن الكهرباء تحتاج حالياً لتشغيل جميع مجموعات التوليد الجاهزة للعمل لديها بشكلٍ يومي، لنحو 6 آلاف طن من الفيول لكن لا يصلها منها سوى 3 آلاف فقط، ولنحو 17 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي ولا يصلها سوى 50% من المطلوب، علماً أن سبب الانخفاض طبعاً هو الإجراءات القسرية أحادية الجانب واستمرار سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” المدعومة من الاحتلال الأمريكي على آبار النفط في منطقة الجزيرة السورية.
خسائر قطاع الطاقة في سوريا
بلغت القيمة التقديرية للخسائر المباشرة التي تعرّضت لها مختلف أجزاء المنظومة الكهربائية حتى نهاية عام 2020 نحو 204.0 مليارات ليرة، أمّا الخسائر غير المباشرة فقد تسبب عدم تزويد القطاعات الصناعية والخدمية بالكهرباء بخسائر مالية على الاقتصاد الوطني، حيث قُدّر (فوات المنفعة) الناجمة عن قطع الكهرباء بسبب العمليات التخريبية لنهاية عام 2020 بنحو 408.1 مليار ليرة، محسوبة على أساس قيمة الـ (ك.و.س) غير المُخدم تعادل (50 ل.س/ ك. و. س) على أساس سعر الصرف 50 ل. س/ للدولار.
أما بالنسبة للخسائر التي تعرّض لها قطاع النفط خلال الفترة (2011 حتى منتصف 2022)، فقد بلغت نحو 105 مليارات دولاراً وهو رقم كبير يشكّل تقريباً قرابة 20% من الخسائر الكلية التي تعرّض لها الاقتصاد السوري خلال الأزمة خلال الأعوام 2011-2021، والتي تصل تقريباً إلى نحو 530 مليار دولاراً وفقاً لتقديرات نقابة عمال المصارف في بداية عام 2021.