شهدت موسكو أمس السبت حدثاً وُصف بـ”المفاجئ والصادم” للسلطات الروسية وحلفائها وأعدائها، حيث أعلن قائد قوات “فاغنر” الروسية يفغيني بريغوجين -الذي لُقّب بطباخ بوتين- تقدّم قواته باتجاه العاصمة الروسية موسكو، ليصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما حدث بـ”الخيانة الكبرى”، ليتم بعد ساعات إعلان بريغوجين توجهه إلى بيلاروسيا وإنهاء التمرد.
انتهاء حالة التمرد التي شهدتها موسكو يوم أمس لم تلغِ اهتمام التحليلات العربية والغربية بالحدث، وفي هذا السياق نشرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية تقريراً أكدت فيه أنه “سمحت الحرب في أوكرانيا لقائد مجموعة فاغنر المسلحة يفغيني بريغوجين، بفرض نفسه لاعباً أساسياً في روسيا، لكن بدعوته إلى التمرد في مواجهة القيادة العسكرية تجاوز هذا الرجل المتهور الذي يصعب التنبؤ بتحركاته، خط اللاعودة”، ونقلت الصحيفة عن المحللة الروسية المستقلة تاتيانا ستانوفايا، إشارتها إلى أن “السلطات تسعى ربما إلى إخراج بريغوجين من اللعبة بمشاركة نشطة من هذا الأخير”، مضيفة أنه “فيما يتعلق بجهاز الأمن الفيدرالي وهيئة الأركان ما يحصل يناسبها تماماً، فعلى أقل تقدير سيتعرض بريغوجين لضربة”.
كما لفتت صحيفة “الشرق الأوسط” في مقال لها إلى أن ما أجراه قائد “فاغنر” يخرج عن المنطق العسكري والسياسي، حيث نشرت: “هذا تحول دراماتيكي خارج عن أي منطقٍ سياسي أو عسكري، فجأة أعلن بريغوجين قبل ليلتين خروجه بقواته من أوكرانيا واستحواذه على مدينة روستوف الروسية ذات الموقع الاستراتيجي والأهمية الاستثنائية في خطوط الإمداد للحرب في أوكرانيا”، وخلُصت الصحيفة إلى أن “الحدث في روسيا ما زال ساخناً، ولم تتكشف أبعاده بعد، ولكن تسارع الأحداث سيكشف التطورات”.
بينما لفتت صحيفة “رأي اليوم” في افتتاحيتها إلى أن “بريغوجين لا يملك واحداً في الألف من قُدرات الجيش الروسي، ثاني أقوى جيشٍ في العالم الذي يملك أكثر من أربعة ملايين جُندي، وآلاف الدبّابات والطّائرات الحديثة، التقليديّة أو المسيّرة، علاوة على مؤسسة أمنيّة متطوّرة ومسلّحة جيداً، وأكثر من 6500 رأس نووي، بينما لا يزيد عدد مُرتزقته عن 25 ألف جُندي في أفضل الأحوال”، مضيفاً أن “وزير الدّفاع الروسي سيرغي شويغو ربّما كان مُصيباً عندما لم يرضخ لضُغوط قائد فاغنر بتزويد قوّاته بمعدّاتٍ ثقيلة، بعد مُشاركتها بفاعليّةٍ في القِتال للسّيطرة على مدينة بخموت شرقي أوكرانيا، وإصداره قرار حظي بدعم بوتين، يقضي بوضع جميع قوّات كتائب المرتزقة بِما فيها فاغنر في سيطرة الجيش ووزارة الدفاع الروسيّة ابتداءً من أوّل شهر تمّوز المُقبل، فلا بدّ أن لديه شُكوك في نيات هذه الجماعات، وربّما معلومات أيضاً باحتِمالِ اختِراقها، أو مُعظمها، من المُخابرات الغربيّة، والأمريكيّة تحديداً”.
يشار إلى أن قوات “فاغنر” هي قوات عسكرية خاصة درَّبتها وشكلتها ودعمتها وطورتها روسيا لتكون أخف حركة وأسرع انتقالاً لأماكن الحروب، واتصفت بوحشية قتالية وتكتيكات فعالة وتدميرية.