خاص|| أثر برس تدور التساؤلات حول سبب إعطاء الضوء الأخضر الأمريكي لبعض الدول العربية بالتطبيع مع سوريا وفتح علاقات اقتصادية وسياسية معها، وذلك بالرغم من كافة الضغوط في الداخل الأمريكي ومن بعض حلفاء واشنطن، التي تحث على ضرورة تنفيذ قانون العقوبات الأمريكية على سوريا “قيصر” بطريقة أكثر جدية.
الضوء الأخضر الأمريكي لم يكن مفاجئاً، حيث سبقته تسريبات أفادت بأن واشنطن تتجه نحو تخفيف العقوبات، حيث أكد سابقاً منسق لجنة قانون “قيصر” في الائتلاف المعارض، عبد المجيد بركات أنه “من الملاحظ أنه منذ بداية استلام الديمقراطيين للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، هنالك آلية تعاطٍ جديدة مع مفهوم العقوبات، وأن هنالك إعادة مراجعة لتأثير العقوبات وخاصة لقانون قيصر” وفقاً لما نقله سابقاً موقع “عنب بلدي” المعارض، كما سبق أن كتب بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي الرافضين لهذا التقارب رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قالوا فيها: “نحثّكم على مضاعفة جهودكم للتصدي إلى التطبيع الدولي مع سوريا، إلى جانب التطبيق الحاسم الصارم لقانون قيصر” وفقاً لما نقلته صحيفة” الشرق الأوسط”.
لحظة الإعلان عن التنازل الأمريكي:
التنازل الأمريكي عن بعض بنود “قيصر” كان بالاتصال الهاتفي الذي أجرته السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا، مع الرئيس اللبناني ميشيل عون، لتبلغه بأن واشنطن تسمح للبنان باستيراد الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا وإعادة تفعيل خط الغاز العربي، وذلك بعد ساعتين من إعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، عن انطلاق قوافل النفط الإيراني إلى لبنان.
وبعد الإذن الأمريكي انطلق ركب المشاريع الاقتصادية العربية باتجاه سوريا، وأشار اللواء علي مقصود في حديث لـ”أثر” إلى أن الخطوة الأمريكية في هذه المرحلة كان لا بد منها حيث قال: “بعد وصول السفن الإيرانية إلى بانياس وبدء الصهاريج بنقل الوقود والمحروقات باتجاه لبنان، أرادت واشنطن أن يكون لها موقع، فأمريكا كانت تتصور بأن الشعب اللبناني سينقلب على حزب الله، إلا أنه بعدما وصلت السفن الإيرانية بأمان ولم يتجرأ لا الإسرائيلي ولا الأمريكي أن يستهدفها كان عليهم أن يبادروا ويسرعوا إلى اتخاذ قرار بإعطاء الضوء الأخضر للدول الخليجية وللأردن الذي بات حالياً قاعدة للوجود الأمريكي في المنطقة وأيضاً هو القطار الذي يجر الدول العربية إلى التطبيع وعودة العلاقات مع سوريا وفتح صفحة جديدة”.
هل هناك مقابل أمريكي لهذا التنازل؟
هذا الضوء الأخضر الأمريكي وما لحقه من مشاريع اقتصادية، لاقى الكثير من الانتقادات، حيث أكد منسق لجنة قانون “قيصر” في الائتلاف المعارض أن التنازل الأمريكي يجعل الدولة السورية قادرة على تنفيذ اتفاقيات إقليمية ودولية ذات بعد اقتصادي، فيما أشار بعض المحللين إلى ضرورة وجود مقابل لهذا الإذن الأمريكي ولا بد أن يكون مرتبط بتخفيف النفوذ الإيراني في سوريا، وتعليقاً على هذه التحليلات قال اللواء مقصود لـ”أثر”: “هذه الإجراءات الأمريكية تهدف إلى التأثير على العلاقة السورية- الإيرانية، لكن هذه العلاقة استراتيجية ولم تتأثر بكل هذه الخطوات بل على العكس ازداد الموقف السوري- الإيراني وحزب الله قوة ومناعة وتأثيراً في الإقليم وحتى على مستوى العالم، وأمريكا كادت أن تصبح خارج المنطقة وخارج الميدان السوري فأرادت أن تعطي هذا الضوء الأخضر للدول العربية وإظهار حسن النوايا ليكون لها دور في ترتيب المنطقة وخاصة الميدان السوري وفي العملية السياسية”، الأمر ذاته الذي أكده تقرير نشره موقع ” atlanticcouncil” وترجمه موقع “أثر” جاء فيه: “لماذا تزود الولايات المتحدة الدولة السورية بنقل الغاز لدعم الحكومة اللبنانية المشكلة حديثاً، دون أن تطالب بتنازلات تشمل انخفاض الوجود الإيراني في سوريا، وتراجع نفوذ حزب الله والإصلاحات الاقتصادية في لبنان، والسماح بدعم الغاز العيني بدلاً من التحويلات النقدية إلى الدولة السورية؟” مجيباً أن الولايات المتحدة تتجنب خطأً إقليمياً آخراً حيث تفقد الولايات المتحدة مرة أخرى المزيد من النفوذ والسمعة الإقليمية بدلاً من المطالبة بتنازلات تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة”.
هل سياسة العقوبات الأمريكية لا تزال فعّالة؟
مركز الدراسات الأمريكي “ريسبونسيبل ستيتكرافت” نشر تقرير شرح خلاله مدى فاعلية سياسة العقوبات الأمريكية بشكل عام مستشهداً بالتجربة الإيرانية، حيث قال: “أهداف حملة العقوبات تعد منفصلة إلى حد كبير عن التطوير النووي الإيراني، حيث تمتد إلى جميع الصناعات غير العسكرية تقريباً، وبالمثل لم تعرقل العقوبات شبكة وكلاء إيران، التي لا تزال تعمل في سوريا ولا تزال تشحن النفط، ولم يُترجم الضغط على الاقتصاد الإيراني إلى أي اضطراب في أنشطتها العسكرية الإقليمية”.
زهراء سرحان