بدأت تظهر أسباب التناقض بالموقفين الروسي ميدانياً وسياسياً، ففي الوقت الذي كان مسؤولين روس وأمريكان يجتمعون لإيجاد حل يحد من شن عملية عسكرية في الجنوب السوري، يُظهر المشهد الميداني اليوم مشاركة القوات الروسية في المعركة، وإعلان أمريكا عن وقف دعمها لفصائل الجنوب، مما يتيح لروسيا عقد تسويات مع فصائل الجنوب لإنهاء المعركة قبل أن تتوسع أكثر.
فمن وجهة نظر صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، فإن واشنطن وجدت أن صلاحية هذه الفصائل انتهت وباتت تتجه إلى جهة أخرى تدعمها لتحقق أهدافها، فقالت:
“يفترض أن يكون الموقف الأمريكي مفهوماً، فعندما تعلن واشنطن تفهمها للأوضاع الصعبة التي تواجهها القوات المتعاونة معها على الساحة السورية وتطالبهم بعدم خرق وقف إطلاق النار الساري مع الجيش السوري يتضح أن واشنطن تسحب البساط من تحت أقدام حلفاء آخرين.. الرسالة التي وصلت إلى فلسطين المحتلة تفيد بأن العمليات في درعا هي عمليات داخلية فقط ولن تمتد إلى هضبة الجولان أو أراضيها في محاولة لطمأنة الإسرائيليين، كما أن القوى الغربية بعد التخلي عن حلفائها جنوب وشمال سوريا تبدو في تراجع”.
أما صحيفة “سفوبودنايا بريسا” الروسية فأكدت على وجود تنسيق أمريكي – روسي فسح المجال أمام الأخيرة للمشاركة في العملية، حيث ورد في صفحاتها:
“انسحبت الولايات المتحدة من الجنوب السوري، وبالتالي سمحت لروسيا بغزوها، يمكن القول إن الولايات المتحدة أعطت موافقتها على الحملة العسكرية لروسيا في درعا، عندما أعلنت الولايات المتحدة وحلفاؤها وقف الدعم لجزء من المعارضة، أصبح واضحاً أن هذا يتيح إمكانات جديدة أمام روسيا.. وتلك المجموعات المتحالفة مع الولايات المتحدة لن تتعرض أبداً لتهديد حقيقي من القوة الروسية، كان هناك حالات سوء فهم، لكنهم حرصوا على نسيانها بسرعه”.
وكشفت “الأخبار” اللبنانية عن عرض أمريكي لروسيا بخصوص سوريا بالتزامن مع هذه المعركة، فنقلت عن مصادرها:
“أن الأميركيين عرضوا على الروس تطوير التفاهم في سوريا، والبناء عليه وعقد صفقة إقليمية أوسع، تقايض نفوذاً روسياً خالصاً في سوريا، مقابل إطلاق يد المحور الأميركي ــ الخليجي ــ الإسرائيلي في فلسطين، ووصفت المصادر العربية العرض الأميركي بالسخي لأنه يتضمن الاعتراف الأميركي بالمصالح الروسية الخاصة في سوريا، واعتبارها منطقة نفوذ روسية خالصة.. وكانت رؤية ترامب الانتخابية منذ البدء لا تعتبر سوريا ساحة مواجهة مع روسيا”.
من الواضح أن التنسيق بين الأطراف الغربية في سوريا يجري على أكمل وجه، لكن في النهاية، الواقع يظهر أن المعركة جارية والقوات السورية تستمر في عملياتها ضد “جبهة النصرة” وحلفاءها ومسلحي “داعش” لاستعادة جميع الأراضي جنوباً، لتستمر الحكومة السورية بعدما تتمكن من استعادة جميع الأراضي إلى مواجهة التدخلات الخارجية غير المشروعة، خصوصاً بعدما أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن أمريكا وكل من يتعاون معها سيخرجون من جميع الأراضي السورية وبأي طريقة.