أثر برس

“ما عاد في أكلات مدللة”.. سوريون: مائدة رمضان باتت جود من الموجود!

by Athr Press B

خاص || أثر برس بدأت أصناف الطعام تتناقص عن المائدة الرمضانية في سوريا؛ حيث اختفت العديد من الوجبات الرئيسية التي كان يحرص السوريون على أن تزين مائدتهم في إفطار الشهر الكريم، بسبب الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار، وباتوا يختصرون أطباقهم إلى طبق أو 2 على الأكثر.

“الأولاد صايمين لازم أطبخ أكلة مدللة على الإفطار”.. تقولها أم يوسف من أهالي منطقة القدم بدمشق وتواصل التفكير “ما هي الأكلة المدللة في وقتنا الحالي؟ هل التي أضع فيها لحم الفروج أو الغنم أم التي أعد كمية كبيرة منها أم التي أتفنن بوضع المقبلات إلى جوارها؟، كل ما أفكر به يحتاج إلى الكثير من النقود تقارب قيمة راتب زوجي الموظف”.

وتضيف أم يوسف لـ “أثر”: “في سنوات ليست بعيدة ورغم أن الحرب في سوريا كانت مستمرة إلا أن الأسعار كانت أرخص بكثير مقارنةً مع ماهي عليه الآن لذلك موائد رمضان بدأت تفقد معظم عناصرها تباعاً من 4 سنوات تقريباً بسبب الغلاء”.

تشارك الخمسينية مها جارتها أم يوسف بالرأي مستذكرة أنها منذ أكثر من أربعين عاماً عندما بدأت تصوم النهار كاملاً كانت حينها في الصف الثالث الابتدائي وكانت والدتها تطبخ أصناف متنوعة على مائدة الإفطار وفي كل مرة تردد (أي والدتها) اليوم مها صامت النهار كله بدنا ندللها بأكلات طيبة، متابعة: “الأكلات المدللة شاكرية وكبة وأقراص العجين المحشي بالجوز أو التمر وغيرها الكثير أما اليوم باتت هذه الأكلات تطبخ في المناسبات أو مرة كل عدة أشهر وفق ما يناسب الإمكانيات المادية التي في الغالب محدودة لدى معظم الناس”.

تُحضّر كل من مروة ومحمد وعفراء قائمة بالأكلات التي يفضلونها خلال شهر رمضان بشكل خاص حيث يتفقون على أن أكلات “النواشف” أفضل من الأكلات التي فيها “مرقة” كما يعرف عنها سواء مرقة بيضاء مجرد ماء أو المرقة الحمراء التي تعد من رب البندورة، مشيرين إلى أن اللحمة باتت مرتفعة الثمن لذلك البطاطا المقلية وشوربة العدس والفتوش تتصدر سفرة رمضان ليكون الطبق الرئيسي أحد أنواع الخضار المطبوخة بالزيت من ملفوف أو كوسا أو الفول أو الفاصولياء، ومع ذلك تستدرك مروة أن تكلفة هذه الخضار لا يستهان بها إلى جانب الزيت والبهارات والغاز للطهو، والقائمة تطول، ليضيف محمد: “ما عاد في أكلات مدللة حتى للنباتيين”.

بوجه مبتسم رغم علامات التعب، يقول العم أبو موفق من حي التضامن لـ “أثر”: “لما حدا يقول شو طابخين اليوم إجابتي واحدة (خيرات الله) فدائماً كنت أرددها في كل وقت لكن الآن أقولها بغصة بسبب ظروف البلد فالغلاء الفاحش أصبح هم كبير على العائلات فلم نعد نشعر بطعم أي مناسبة لأننا فقدنا طقوسها”.

تستذكر الجدة الشامية ميسرة أنها لوقت قريب كانت التسقية والفول بالخضرة أو اللبن وشوربة العدس دائماً على سفرة رمضان وغيرها من المقبلات بأنواعها أما الطبق الرئيسي كان الكبة والكبسة والملوخية وعلى الأغلب صنفين وكمية اللحم في الطبخة مناسبة لكي يعوض الصائم ساعات الصيام ويغذي جسمه، متابعة: “أما من كان يصوم لأول مرة النهار كاملاً من الأبناء أو الأحفاد كان يُحتفل به عبر إعداد طبخة خاصة من الأكلات التي يحبها والكل يدلله بالحلويات وغيرها أما اليوم لا يمكن القول إلا الجود من الموجود “.

بدورها، الجدة أم مأمون تقول لـ “أثر”: “كانت أطباق الحلويات سواء ما يُعد في المنزل أو الجاهزة إلى جانب الفواكه يومياً حاضرة في رمضان، أم الآن أصوم في بيت أحد أبنائي وحاله على قده كما يقولون، فالأكلات المدللة بأحسن الحالات يكون فيها لحم فروج، الغلاء طال كل شيء وهي سنة صيام عن الطعام للجسد وعن الملذات من الأكلات الطيبة التي تشتهيها النفس”.

يشار إلى أنه ومع قدوم شهر رمضان، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل لافت في الأسواق السورية، ما شكّل عبئاً على بعض العائلات خاصة وأن مصاريف العائلة تزداد خلال الشهر الكريم.

وكان الباحث والخبير الاقتصادي د.شفيق عربش أوضح في حديث سابق لـ “أثر” أن كلفة تأمين متطلبات وجبات الإفطار والسحور خلال شهر رمضان إذا أراد أن يكتفي الشخص بالإفطار بوجبة فول فقط والقليل من اللبن الرائب ستتجاوز المليونين ليرة سورية، بينما إذ أرادت أسرة مؤلفة من 5 أفراد أن تحضر خلال الشهر وجبات تضمن تغذية سليمة، ستتجاوز الكلفة 15 مليون ليرة سورية على اعتبار أن الوجبة المغذية تكلف وسطياً نحو 400 ألف لأسرة مكونة من 5 أفراد.

اقرأ أيضاً