في 25 أيلول الفائت عُقد أول لقاء بين وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ونظيره المصري سامح شكري، منذ بداية الحرب على سوريا، وذلك وسط انفتاح عربي واسع تشهده دمشق خلال العامين الأخيرين.
الوزير المصري تحدث يوم الجمعة الفائت عن هذا اللقاء في مداخلة هاتفية على قناة “mbc مصر” مشيراً إلى أن لقاءه بالمقداد في نيويورك كان بهدف استكشاف كيفية إسهام مصر في خروج سوريا من أزمتها وعودتها مرة أخرى لـ”حظيرتها العربية”، لافتاً إلى أن مصر تبحث عن آلية لتساهم في حل الأزمة السورية وذلك بعد هدوء المعارك في سوريا، مؤكداً أن بلاده لم تتورط بأي شكل من الأشكال في أي من التفاعلات التي حدثت خلال الـ 10 سنوات الماضية، لذا كان هناك تقبل وانفتاح على الاجتماع.
وعلّق على اللقاء السوري- المصري الأول من نوعه منذ بداية الحرب على سوريا المفكر المصري عبد الحليم قنديل، مؤكداً أن سوريا تُعتبر العمق الاستراتيجي لمصر، وأن الاتصالات بين دمشق والقاهرة لم تنقطع منذ عام 2011، وفقاً لما نقلته قناة “روسيا اليوم”.
وأضاف أن “هناك عوامل استجدت في المشهد السوري الذي بات يلقى دعماً مصرياً واضحاً لاستعادة سوريا الدولة والمؤسسات”، متابعاً: “يمكن القول وعلى ما توافر لدي من معلومات، إن دولاً أخرى ستحذو نحو نفس الخطوة المصرية وبدعم من مصر مثل الأردن والإمارات وربما السعودية”.
وأشار إلى أن “مصر تسعى وبنفس الوقت لإخراج كافة القوات الأجنبية من سوريا والتي دخلت بدون إذن الحكومة السورية” موضحاً أن جزءاّ من الترتيبات التي يتم مناقشتها بين مصر وتركيا يتعلق بإخراج تركيا عسكرياً وسياسياً من المشهد السوري.
هذا التقرّب المصري من سوريا، جاء بعد مرور العلاقات بين البلدين بالعديد من المنعطفات، ففي عام 2011 أعلنت القاهرة في عهد الرئيس السابق محمد مرسي قطع علاقاتها مع دمشق وإلغاء عضويتها من الجامعة العربية، لتتخذ عام 2013 وبعد رحيل مرسي، موقف الحياد من الحرب على سوريا والتواصل مع المعارضة السياسية فقط، إلّا أنها عام 2018 عندما حُسمت المعركة العسكرية لصالح الدولة السورية باستعادة السيطرة من قبل الجيش السوري على حلب وغيرها من الأراضي، بدأت تُبدي رغبة بإعادة علاقاتها مع الدولة السورية، وبرزت هذه الرغبة بوضوح في تصريح وزير الخارجية المصري في كانون الثاني الفائت عندما قال: “إن مصر تتطلع إلى عودة سوريا لمحيطها العربي، فعودتها يعتبر أمراً حيوياً من أجل صيانة الأمن القومي العربي”.
وتعليقاً على السياسة المصرية هذه يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة مصطفى كامل السيد: “إن هناك نوعاً من التطور حدث في مواقف الدول المنخرطة في النزاع، ونظراً لحالة التوتر بين مصر وتركيا فمن مصلحة روسيا إدخال مصر إلى المشهد ومن خلفها دول الحلف الخليجية الثلاثة، كما يبدو أن موقف السعودية تغير من بقاء الرئيس بشار الأسد وبالتالي فلم تعد مصر تخشى من تأثر علاقاتها القوية مع السعودية إذا ما دخلت في تسوية المشكلة السورية، كل هذه العوامل جعلت مصر مرشحة للدخول بقوة في بعض الترتيبات التي قد تفضي إلى احتواء الحرب في سوريا”، وفقاً لما نقلته سابقاً قناة “DW” الألمانية.
من جهته، يقول الأكاديمي والباحث المصري في العلوم السياسية محمد الزواوي، عن أبعاد التقارب المصري-السوري: “إن مصر تحاول إنشاء دائرة جديدة في الإقليم بعد انهيار الدائرة العربية، والتقارب مع العراق والأردن وسوريا من شأنه أن يعزز مكانة القاهرة اقتصادياً، وأن يرفع مستوى التعاون من اقتصادي إلى سياسي واستراتيجي مستقبلاً” مشيراً إلى أن “سوريا تعد عنصراً مهماً في تلك الاستراتيجية، بالنظر إلى الثقل التاريخي لسوريا ومكانتها في الاستراتيجية العسكرية المصرية، كأحد أهم عناصر تطويق إسرائيل ومنعها من التفرد بدولة دون أخرى في الإقليم” وفقاً لما نقلته قناة “الجزيرة”.
ويؤكد مراقبون أن الانفتاح الذي تبديه العديد من الدول العربية هو بضوء أخضر أمريكي، فرضه الأمر الواقع في سوريا، حيث نقلت قناة “الحرة” الأمريكية عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قوله في أيلول الفائت: “إن الوزارة على علم بالتقارير التي تحدثت عن محادثات سورية- سعودية جارية لإعادة فتح السفارة السعودية في دمشق”.