في خطوة تحمل رسائل جديدة في الظروف والتوقيت، وقعت سورية وإيران اتفاقية شاملة للتعاون العسكري والأمني بين البلدين في ظل تشديد العقوبات الأمريكية واستمرار الغارات “الإسرائيلية” بشكل متقطع على سورية.
الاتفاقية السورية – الإيرانية جاءت لتحمل أبعاد سياسية وأخرى عسكرية من شأنها أن تغير ظروف المرحلة الحالية وتضرب في صلب الأهداف الأمريكية جراء العقوبات الاقتصادية التي تفرضها على سورية.
فعلى الصعيد السياسي قال وزير الدفاع السوري علي أيوب، إنّه “لو استطاعت الإدارات الأمريكية إخضاع سورية وإيران ومحور المقاومة لما تأخرت للحظة”، مضيفاً أنَّه “مهما ارتفعت فاتورة الصمود فإنها أقل من فاتورة الاستسلام والخنوع”، وشدّد الوزير أيوب على أنّ “من يراهن على تخريب العلاقات بين إيران وسورية هو واهم”.
تصريحات الوزير أيوب جاءت بعد عشرات التصريحات للمبعوث الأمريكي إلى سورية جيمس جيفري والتي كان أهمها ما قال فيه قبل أيام بأن الولايات المتحدة لا تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، أو انسحاب القوات الروسية من سورية، وتابع: “كما لا نقول إن الروس يجب عليهم أن يغادروا… نفضل ألا يكونوا هناك، لكن محاولات تحقيق خروجهم ليست جزءاً من سياساتنا”.
تصريحات جيفري جاءت بهدف التأثير على الوجود الإيراني الذي تمكن على طوال سنوات الحرب من التأثير على المشروع الأمريكي بإسقاط الدولة السورية لتأتي هذه الاتفاقية وتثبت موقف التعاون الإيراني-السوري في وجه الخطة الأمريكية، فحديث جيفري عن أن الولايات المتحدة لا تهدف إلى إسقاط الدولة السورية لا يتعدى التحريض على العلاقات السورية – الإيرانية كون ما يسمى قانون قيصر يهدف بشكل أساس إلى تغير مفاصل الدولة السورية الحالية الرافضة للسياسات الأمريكية التي تعتمد على سرقة الثروات السورية.
وبنفس إطار الأهداف السياسية خرج رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري بتصريح ثبت الموقف الإيراني بصورة أكثر صراحة من سابقاتها وبشكل علني عندما أعلن رفض بلاده لوجود الاحتلال التركي في سورية قائلاً: “تركيا متأخرة في تنفيذ التزامها بتفاهمات أستانة لإخراج الجماعات الإرهابية من سورية وعليها أن تدرك أن أي حل لمشاكلها الأمنية لا يكون عبر التواجد في الأراضي السورية”.
وبالانتقال إلى الصعيد العسكري فقد خرج باقري بتصريح قد يأخذ ميزان القوى في المنطقة إلى مكان آخر عندما قال “إنَّنا سنقوم بتقوية أنظمة الدفاع الجوية السورية في إطار توطيد العلاقات العسكرية”، في إشارة إلى التصدي للغارات “الإسرائيلية” المتكررة على الأراضي السورية.
لم تمر ساعات على تصريح باقري حتى بدأت حالة القلق في الأروقة العسكرية والأمنية في تل أبيب حيث قال محلل الشؤون العبريّة في قناة “كان” الإسرائيلية روعي قيس: “ربما إيران تريد إرسال رسالة مزدوجة لإسرائيل عبر هذا الاتفاق”، الرسالة الأولى وفق قيس، هي أنّه “أولاً وقبل كل شيء نحن باقون في سورية ومهما كانت هجماتكم لن تغيّر من ذلك”، أمّا الرسالة الثانية فهي أن “إيران قادرة على ضرب إسرائيل من الأراضي السوريّة”.
ورأت وسائل الإعلام الإسرائيليّة، أنّه “يبدو أن إيران تحاول وقادرة على أن تضرب إسرائيل كما فعلت في السنوات الأخيرة، وهذا بالفعل أمر يجب الانتباه إليه في الفترة القريبة المقبلة”.
تصريحات باقري من شأنها تغير السلوك العسكري الإسرائيلي على الأراضي السورية خصوصاً وأن صواريخ “إس 300” التي أرسلتها روسيا إلى سورية لم يتم تفعيلها، قد يكون ذلك بسبب بعض الحسابات السياسية بين روسيا والكيان الإسرائيلي وهو الشيء غير الموجود في الحسابات العسكرية بين إيران والكيان الإسرائيلي كونه لا يوجد أي علاقات دبلوماسية بين الطرفين ما يعني أنه في حال تفعيل هذا الخيار فسيتأثر التفوق العسكري لسلاح الجو “الإسرائيلي” في المنطقة.
وعليه يبدو بأن الاتفاق الأخير بين القيادتين السورية والإيرانية قد خلص إلى إنهاء حالة المراوغة الأمريكية التي تهدف إلى تجريد سورية من حلفائها بالتوازي مع التأثير على الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، ليكون ما قبل هذا الاتفاق ليس كما بعده.
رضا توتنجي