لفت دخول المدربان بيب غوارديولا ويورغن كلوب، لملعب مباراة القمة بين مانشستر سيتي وليفربول، أمس الأحد، الأنظار لأنهما دخلا حاملين باقة من زهرة الخشخاش الحمراء معاً، في مشهد قد لا يكون مألوفاً للعديدين حول العالم، لكنه واقع متكرر في شهر تشرين الثاني من كل عام في بريطانيا.
وزينت زهرة الخشخاش الحمراء أقمصة لاعبي الدوري الإنكليزي الممتاز والحكام والمدربين هذا الشهر، في ظاهرة تشهدها كرة القدم الإنكليزية في تشرين الثاني من كل عام.
وترمز زهرة الخشخاش الحمراء الفاقعة لضحايا الجنود البريطانيين في الحرب العالمية الأولى، وكذلك للقتلى من الجنود البريطانيين خلال جميع الحروب التي تلتها، وتعتبر رمزاً وطنياً لتكريم الجنود السابقين في بريطانيا وكندا ودول أخرى.
ويعتقد البريطانيون أن الزهرة بدأت بالنمو في الأراضي القاحلة التي قُتل بها معظم جنود الجيش البريطاني ودفنوا فيها خلال الحرب العالمية الأولى.
وبموجب التقاليد المتوارثة تقف بريطانيا بالكامل دقيقتي صمت حداداً على هؤلاء الضحايا، ويضع البريطانيون بمن فيهم عامة الناس زهرة حمراء تزيّن ملابسهم.
حكاية زهرة الخشخاش الحمراء
في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني من كل عام، ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى، يتم الاحتفال بذكرى الجنود الذين ضحوا بحياتهم وسقطوا تأدية لواجبهم، وفي مثل هذا اليوم عام 1918، وقعت الهدنة بين ألمانيا والحلفاء.
وفي هذا اليوم تنظم بريطانيا ودول أخرى في العالم احتفالات وطنية لتخليد ذكرى الجندي الذي سقط خلال المعارك وبقيت رفاته في ساحات القتال والذي يعرف باسم “الجندي المجهول”.
ووفقاً لموقع وزارة الخارجية البريطانية، فإن هذا اليوم يعرف أيضاً بيوم “زهرة الخشخاش”، بسبب القصيدة المشهورة “في حقول فلاندرز” التي ترثي الجنود الذين قتلوا وتذكر نمو زهرة الخشخاش في حقول المعارك التي سقط فيها القتلى.
وإبان الحرب العالمية الأولى، كتب الجندي والطبيب الكندي قصيدة “في حقول فلاندرز”، ووردت كلمة “زهرة الخشخاش”، أو “بوبي” كما تعرف بالإنكليزية، عدة مرات في القصيدة.
بداية الفكرة:
بدأت فكرة يوم الذكرى عام 1919، بطلب من ملك إنكلترا جورج الخامس عندما طالب بتخصيص يوم يتذكر فيه الشعب البريطاني ضحايا الحرب العالمية الأولى.
وفي ذلك الوقت قال جورج الخامس “إنني مقتنع أن الرعايا في كافة مناطق الإمبراطورية (البريطانية) يتمنون بحرارة أن يستمر تذكر كافة الذين ضحوا بأرواحهم لجعل هذه الحرية ممكنة التحقيق”.
وأضاف: “ولكي تتوافر لنا الظروف للتعبير بشمولية عن هذا الشعور أتمنى أن تكون ساعة دخول الهدنة موضع التنفيذ أي الساعة 11 في اليوم 11 من الشهر 11 من كل عام، لمدة دقيقتين قصيرتين فقط تتوقف فيهما كلياً كافة أنشطتنا اليومية”.
ومنذ ذلك الوقت أصبح يوم الذكرى في بريطانيا، ودول أخرى، مناسبة وطنية مهمة يشارك فيها الجميع، رسميون ومواطنون عاديون تكريماً لذكرى الجنود الذين سقطوا في الحروب والصراعات وحتى مهمات السلام التي شاركت فيها تلك الدول حول العالم.
لماذا يرفض بعض اللاعبين ارتداء البوبي؟
يرفض بعض اللاعبين المُنتمين لأندية في الدوري الإنكليزي الممتاز ارتداء زهرة البوبي بسبب تاريخ دولهم مع الحروب، أو تاريخ دولهم مع البريطانيين.
فعلى سبيل المثال لا يقوم اللاعب جيمس ماكلين بارتداء القميص المطبوع عليه زهرة الخشخاش لأنه ولد ونشأ في مدينة ديري الأيرلندية الشمالية، التي شهدت مقتل 6 أشخاص في “الأحد الدامي” عام 1972.
كما رفض نجم مانشستر يونايتد، الصربي نيمانيا ماتيتش، ارتداء زهرة “البوبي” على قميص فريقه، الأسبوع الماضي أمام آرسنال.
وقال ماتيتش حول الموضوع قبل عامين: “أتفهم لماذا يرتدي البعض زهرة البوبي، ولكن بالنسبة لي فهي تذكرني بالقصف الذي تعرضت لها قريتي الصربية في عام 1999 عندما كنت طفلاً”.