تعاني العديد من مشافي دمشق، منذ أسابيع، من النقص الكبير والحاد بالمستلزمات الإسعافية ذات الاستخدام اليومي، الأمر الذي يدفع بالأهالي لتأمين أصغر المستهلكات الطبية مثل “السيرنغات ونواقل السيروم” بأنفسهم، فضلاً عن تزايد المشاحنات بين الأهالي والأطباء.
حيث قال مدير مستشفى “المجتهد ـ دمشق” محمد الحلبوني: “إن الأعداد الكبيرة التي يستقبلها إسعاف المجتهد يومياً، لا تتناسب مع عدد المستهلكات الموجودة”، بحسب “عنب بلدي”.
وأضاف الحلبوني: “إن معظم المستهلكات، ومنذ سقوط النظام، تعتمد بشكل كبير على المساعدات والجمعيات الخيرية والمبادرات الشخصية”.
وتستقبل مستشفى “المجتهد”، ما بين 500 إلى 600 حالة إسعافية في اليوم الواحد ويصل العدد في بعض الأيام إلى 900 حالة، وتعد “الجائحات التنفسية وحوادث السير وحوادث المتفجرات والصواعق والعيارات النارية، إضافة إلى حوادث الحروق وأعراض سحب المخدرات وتشمع الكبد والسكري، أكثر الحالات التي يتم استقبالها يومياً”، بحسب القائمين عليها.
وأوضح الحلبوني، أن العمليات الباردة كادت أن تتوقف، لولا “الجهود الشخصية وبعض المساهمات من قبل الأهالي والجمعيات الخيرية، ولا تزال تواجه هذا الخطر”.
واعتبر الحلبوني، أن الكثير من الحالات، سببها “الطيش وقلة الوعي، خصوصاً حوادث الدراجات النارية وحوادث الصواعق والمتفجرات”.
وناشد مدير المستشفى، الأهالي والجهات الحكومية بمراقبة الشباب المراهقين، خصوصاً بما يتعلق بموضوع الأسلحة وركوب الدراجات النارية.
وفي السياق نفسه، نقلت “عنب بلدي” عن بعض الأطباء قولهم إنهم يتعرضون أغلب الأيام للكثير من المضايقات وأحياناً للشتائم والضرب من قبل مرافقي المرضى، إذ قالت الطبيبة في قسم الإسعاف والعنايات، في مستشفى “المجتهد”، شام عطايا: “هناك إهمالاً بسيطاً هذا صحيح، لكن المشكلة لا تتعلق بالكفاءات الطبية، بل بأمور كثيرة خارجة عن السيطرة، فأكثر من نصف الأجهزة متوقفة عن العمل والكثير من المستلزمات غير موجودة”، مضيفة: “عدد ساعات مناوبات الأطباء، باتت ضعف عدد الساعات التي كانت أيام حكم الأسد، وذلك بسبب الضغط الكبير والنقص الذي طال حتى الكادر، لكن أحدًا لا يقدر ذلك”.
وتابعت الطبيبة: “أغلب المشاحنات مع مرافقي المرضى تحدث، عندما يطلب منهم إحضار أدوية أو مستلزمات من الخارج، أو عندما يطلب عدم وجود أكثر من مرافق للمريض”، مضيفة: “معظم الكادر الطبي قد استنفد طاقته بسبب التعب والإجهاد”.
بدوره، رئيس فريق الاستجابة السريعة في مستشفى “المواساة الجامعي” عبد الرحمن آق بيق، قال: “إن النقص ليس جديداً وكان موجوداً منذ أيام النظام السابق، لكنه قد زاد بعد السقوط”، مضيفاً: “هذا النقص يعود إلى سوء إدارة مخزون الأدوية والأجهزة الطبية والمواد الأساسية في عهد النظام السابق، وسلسلة طويلة من السرق والنهب على مدى السنوات الماضية”، بحسب “عنب بلدي”.
وكان فريق “الاستجابة السريعة” تأسس منذ ساعات سقوط النظام الأولى، على يد مجموعة من الأطباء في مستشفى “المواساة”، وسيّر الفريق شؤون المستشفى، وأسهم في إدارة مفاصلها طبياً وإدارياً إلى لحظة حلّ الفريق منذ عدة أيام.
واستفاد أكثر من 21 ألف مريض من مراجعي الإسعاف المركزي ومقبولي الإسعاف الداخلي والجراحي والشعب الطبية، إضافة لمراجعي العيادات الخارجية من خدمات الفريق، كما قدم الفريق “الدعم اللوجستي والمواد الناقصة التي أسهمت بإجراء أكثر من 800 عمل جراحي، 300 منها إسعافي، بسبب حالات إطلاق الرصاص العشوائي خلال هذه المدة”، علاوة على أن الفريق أسهم في تأمين مادة المازوت لباصات نقل الأطباء والممرضات إلى المستشفى، وذلك بمساعدة عدد من الأهالي و”الجامعة العربية الدولية ”(AIU)، وفق “عنب بلدي”.
جدير بالذكر أن معظم التقارير الرسمية تتوقع أن الملف الصحي “لن يتعافى قريباً”، وتشير الأرقام إلى أن الأمر، خصوصاً بما يتعلق بقسم الإطعام، بحاجة إلى أكثر من مبادرات شخصية وجمعيات، ومن أجل ذلك ولذلك تواصلت إدارة مستشفيي “المجتهد” و”المواساة” مع الجهات المعنية لتأمين عودة التوريد الحكومي عبر الطرق النظامية.